للمجتمعات سلطة تمارسها على أفرادها ، منها الزجرية ، ومنها الفكرية ، ومن السلطة الفكرية على الأفراد في المجتمعات الأعراف ، وهي : ” العادات وما استقرَّ عليه الناسُ في تصرُّفاتهم في المجتمع ” .
وهذا يعني أن كثيرًا من الأعراف الاجتماعية كانت في الأساس سلوكات فردية استمرأها الناس حتى صارت عادة اجتماعية يُشجع فاعلها ، ويعاب على تاركها !!
كثيرون اليوم يعيشون كما يريد الآخرون لا كما يريدون هم ، بل وصاروا يستهينون بكثير من الأمور من أجل أن المجتمع يريد هذا !!
من منا اليوم يعيش بطبيعته وسجيته التي يحب أن يعيش أوقاتها وأحوالها دون أن يراعي الآخرين في تصرفاته وأفعاله ؟!
أذكر أن صديقًا لي كان على وشك الحصول على درجة الدكتوراه أخبرني بأن له حسابًا في موقع التواصل الاجتماعي ( تويتر ) باسم مستعار يحظى بمتابعة كبيرة !!
فقلت له : ولم الاسم المستعار ؟؟ قال : حتى أكتب في فضاء من الحرية !!
فقلتُ له : أخبرني بالاسم ؛ حتى أحظى بمتابعتك ؛ فأنظر ماذا تكتب ؟؟
فرفض متعللًا بأنه سيصبح مغردًا تحت ضغط المتابعة مني في حال أخبرني !!
وهذا يعني رغبته في الإفصاح عن كثير من الأمور إيجابية كانت أم سلبية دون مراقبة ، أو لوم ، أو نقد .. يريد الانطلاق بالحرية لا بسياط المراقبة !
وفي الحقيقة أنني لمته في البداية ، ثم راجعت نفسي ؛ فالتمست له بعض العذر !!
ولننظر في أحوالنا التي تغيرت كثيرًا بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ، ولنكن أكثر صراحة ، فما إن تحل مناسبة دينية عظيمة إلا ويصبح غالبنا وعاظًا وناصحين ، وهذا جميل ، لكن أثر تلك المناسبات سرعان ما يتلاشى حين تقام مباراة تنافسية بين فريقين كبيرين إلا وتكون هناك مباريات من نوع آخر في تلك المواقع تدار بالهجوم والتنابز والسخرية كل هذا بسبب تأثير العادة التي صارت عند البعض عُرفًا ، فأين غاب التدين والوعظ والنصح ؟؟!!
مناسباتنا واجتماعاتنا لم تسلم من ذلك التأثير ، فصرنا نبالغ ، ونسرف ولا نراعي مشاعر الآخرين من أجل أن بعض شرائح المجتمع تريد ذلك ، ومن العيب أن نقصر ، أو نتأخر !!
حفلات تخرج تنظم بآلاف الريالات ؛ لأن أطفالًا حصلوا على شهادة الابتدائية ، ونساء يتركن بيوتهن لأيام متتاليات من أجل الاجتماع مع الزميلات والقريبات والبعيدات في الاستراحات !!
وزائر للبيت العتيق نسي النسك ، وراح يرصد لحظات العبادة بالصورة والمقطع ، لوحات سيارات ، وطيور ، وتمور ، وحيوانات بالآلاف والملايين ، وتصوير ، ورصد ، وتفاخر ، وعاجز لا يجد قيمة فاتورة الكهرباء !!
أضاع الكثيرون طريق الاعتراف بالنعم حين سلكوا سبيل التباهي الخاطئ ، ونسوا أن العطاء والإحسان هو أجمل صور الاعتراف والإقرار .
إن المعاني هي أصل الأعراف الاجتماعية ، والناس بإصرارهم على المعنى البليد سيجعلون منه عُرفًا اجتماعيّاً لا قيمة له سوى زيادة الفجوة بين القيم الحقيقية ، وتعلق الأجيال بالممارسات الخاطئة !!
ليتنا نكون أكثر وضوحًا ؛ فنتمسك بالمبدأ الصحيح ولا ننجرف مع التيار ، نقوم بإيضاح الأمور للآخرين ، ولا نتردد ، ونعبر عن مواقفنا في كل الوسائط وبكل الوسائل ، نبدأ بمن حولنا .. نقتلع الخطأ ، ونغرس الصواب ؛ فهناك أجيال ستأتي ، ، وستتساءل يومًا ما عن دورنا ؟ ماذا عملنا ؟ وماذا قدمنا ؟ جيل رأى الآباء فأكبرَ، وقدَّر ما عملوه ، ويرى الأجيال الآن ، فيتوجس من المستقبل ، وهو يقف موقف المشاهد ، أفلا نعمل ؟!
لماذا لا يكون لدينا مشروع أخلاقي موائم للعصر وحاجاته ؟!
فبالأخلاق يعيش المرء حياة كريمة في مجتمع كريم !!>
نعم اوافقك الراي ابو محمد انة تيار متعب وعرف قد يقود الى المجهول نقع فيه جميعا الا من رحم الله وخاصة بعد دخوال وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا فسارت هي من تسيرنا على عرفها وتقاليدها .ابدعت كالعاده ابو محمد فلك مني كل الشكر والتقدير…
السلام عليكم
عندما جاء الإسلام لم يلغي جميع العادات التي كانت في الجاهلية, بل أقر بعضها وحارب البعض.
كانوا في العهد القريب (كما أخبرني والدي حفظه الله) بعد السلام من صلاة الفجر يقوم شخص عن باب المسجد ليحصي من صلى, فمن كان غائباً سألوا عنه فإن كان مريضاً عادوه وإن كان مسافراً قاموا على حوائج أهله حتى يرجع وإن كان غير ذلك عاتبوه حتى يواظب على صلاة الجماعة. وقد رأت في ما مضى بعض كبار السن ينظر خلفه يمنة ويسرة مباشرة بعد التسليم وكنت أعيب عليهم ذاك الفعل لجهلي وظني بأنه (لقافة) ولكني اليوم أتمنى لو يعود وإن كنت أرانا اليوم نصلي في مساجدنا ولا نعلم من الذي يصلي عن يميننا ويسارنا والذي قد يكون جارنا الذي يسكن بقربنا ولا نعلم ما اسمه وكيف حاله وهل هو محتاج أو مريض ……إلخ
اليوم أصبح من يلتفت في المسجد بعد السلام (ملقوف) ومبغوض ومنبوذ ممن حوله….ليششششش…الأعراف تغيرت ونحن السبب.
من منا يذكر متى دقوا عيال جيرانهم على بابهم وقالوا أمي تسلم عليكم وتقول عندكم شوي ملح… زمن الطيبين
زاد دخل البعض فاستغنينا عن بعضنا ؟؟؟!!!!
الله يصلح الحال
موضوع جميل ومفيد اشكرك على كل المقالات الرائعه
تساؤلات لم اجد لها الاجابه فلا نعلم ما تخلفه وسايل التواصل لجيلنا الحالي والى اي حد ستتغير افكار كثيره قد تكون للافضل وقد تكون للاسوا.مبدع في طرحك دائماً
احسنت يابومحمد فعلا نخاف من قول الحقيقه ونهتم ثيرا بالمجاملات
كلامات من ذهب .
لو قُدر وجمع في جزيرة نائية من شتى بقاع العالم رجالا ونساء . لسعوا في تسارع متاوزي لخلق بيئة حاضنة لهم . تقوم على تكيف عادتهم في بيئاتهم السابقة لتخلق بيئة جديدة بنمط توافقي يقبله الغالبية . ويشذ عنه القلة التي يصبح موقفها سلوكا توكيديا للسلوك الأول وترسيخا له .
الدين جاء لتهذيب العادات وقولبتها لتخرج مناسبة للروح والجسد . ومن هنا كانت الأديان تبطل تمدد العادات الشاذة . وكانت العادات تنتشر بجهود أفراد نافذين لهم تأثير على مستوى الجماعة من منطلق الأفراد المتقبلين لفكرة الفرد .
ما نراه اليوم شاذا ستروضه الأجيال ليصبح في مستقبلهم مبدأ ممدوحا . كما قبلنا العديد من مسلمات السابقين .
لك كل الود…
لا فض فوك يا أبا محمد ، ولكن يبقى هناك أعراف تنفع الناس وتحل مشاكلهم ، ولكن يجب أن نتخلص من الاعراف التي نتبعها على مضض ليس لفائدتها وانما لأنها عرف لا يجب التنازل عنه
اسعد الله مسائگ يا مبدع
كلام جميل و الاجمل حسن الخلق
وقد حث النبي صلى اللّه عليه وسلم على حسن الخلق، والتمسك به، وجمع بين التقوى وحسن الخلق، فقال عليه الصلاة والسلام: { أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق } [رواه الترمذي والحاكم].
وحُسن الخُلق: طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى عن الناس، هذا مع ما يلازم المسلم من كلام حسن، ومدارة للغضب، واحتمال الأذى.
و رحم الله والديك يا استاذ/ ماجد
على هالمقال الرائع.
ما اصعب ان نعيش كما يرضا الاخرون ولاسيما عندما نتهاون في اشياء من الدين او العادات او التقاليد فقد قيل
((ارضاء الناس غاية لاتدرك))
مقال جميل جدا..
تقبل مروري عبدالمجيد معوض
موضوع مهم وفي نفس الوقت حساس والكاتب تناوله من اغلب نواحيه وركز فيه على بعض سلبياته لدرجة اننا اصبحنا نعيش حياة مزودجة لا اقصد انها حياة نفاق وانما اقصد اننا لا نمارس حياتنا على طبيعتها. العرف والتقاليد جزء من تركيبتنا ولكن لا لدرجة ان تمحو شخصيتنا وفي اعتقادي ان الكاتب بعث برسالة واضحة في هذا الصدد.
ما يقوم به الرجال من تقليعات هو من أجل النساء، وما تقوم به النساء من تقليعات هو من أجل صديقاتهن أو عدواتهن من النساء! الأم مدرسة…
كلام رائع من واقعنا المرير