السخرية.. كـ اكسجين شعبي !

علي القاسمي

  • المتابع والمدقق في ساحات التواصل والنقاش الاجتماعي يلاحظ كيف أن ” النكتة والسخرية ” باتت عنوانا بارزا وملمحا لافتا في كتابات الشد والجذب ومصافحات الطيبة والخيبة ، ” السخرية وبنتها النكتة ” بوابة تنفس مجاني وان كانت بوابة بلا حارس ولا ضامن حيث يُعْبر من خلالها لأي محطة ووجهة ، رغبة عجيبة في البوح بما تعسر وتيسر من الرغبات والرؤى يرافق كل هذا ضجيج مشتعل من الضحكات المستترة أو الظاهرة على انفراد في هذه المساحات الشاغلة للأفراد والمساهمة في اشراكهم ضمن هذا الحراك ، كلُ بما يظنه صالحا ومناسبا للمكان وظروف أهله ، ويبدو أن ثمة ما يشير الى ان الركن الذهبي من هذا الزخم والهوس بالنكتة مؤسس على وجوب أن نضحك ما امكنتنا الظروف والمساحات ووسائل البوح والخروج بالنص وعن النص .
    المجتمع الغارق في النكتة والقادر على صناعة كمية كبرى من السخرية يستحق البحث في تفاصيله بشكل جيد ، ولو دققنا فقط في تفاصيل الطرائف المتداولة وأخذنا بالحبر البارز في أي ملمح ساخر لعرفنا كيف يفكر المجتمع وما هي الأشياء التي تضعه في مكاشفة مع واقعه ودهاليزه السرية ؟ وكيف يمكن بالضبط ان نكتشف طموحه واحتياجاته والنقص الحقيقي الذي يفتقر له ؟ يمكن أن نبحر ايضا في : لماذا هو هكذا ؟ ومتى سيكون كذلك ؟ .
    لم تكن السخرية لعبة محلية الا في الآونة الأخيرة ، السخرية صنيعة الباحثين عن تعبير مختلف لم يتمكنوا من ايصاله بالطريقة الجافة الجادة المباشرة ، وهي محاطة بالمحاذير بالطبع لكنهم يقفزون على كل هذه المحاذير طالما كانت النهايات مختومة بانتزاع ابتسامة مفقودة أو اخراج ضحكة ظلت حبيسة الروح في انتظار محترف في مشروع اطلاقها ومنحها الحرية التي فتشت عنها .
    المضي نحو السؤال اللطيف والحرج : لماذا اصبحنا مجتمعا نموذجيا في طَرْق ميادين السخرية ؟ هو مُضي لازم بغية الشروع في حالة تفكيك اجتماعي كانت ولا تزال عصية الا على من يواجه المرمى بشجاعة نيابة عن ان يحرث الملعب طولا وعرضا وهو غير قادر عن هز الشباك الا بعد انتهاء المباراة تماما .
    مواطٍن سخريتنا وصناعة النكتة الفظيعة التي يعيش مجتمعنا عهدها الزاهر الزاخر ترجح حاجتنا الماسة للترفيه في مقابل ان هناك ضغوطا كثيرة لم يمارس معها أحد ذكاء الاسترخاء وفن فعل الممكن ، الترفيه فعل مؤجل أو عابر بشيء من الروتين وكثير من المحاولات الباردة والخجولة فضلا عن المعلبة ، أما الضغوط فكلما كانت في حيز الازدياد فذاك يضفي السخرية الممزوجة بالوجع وهي سخرية ” مكهربة ” أو يجعلنا مجتمعا هشا يمكن أن يحركه سطر وينطلق بتهور في أي منعطف لا يرجى من وراءه خير ، نقطة الختام تقول أن مجتمعا يعيش مع النكتة بالزوايا الرياضية الشهيرة ” الحادة والقائمة والمنفرجة ” وفي ظل شهية مفتوحة هو مجتمع يسعدك بالتأكيد لكنه يربكك بذات الوقت ! .

>

شاهد أيضاً

يردد البعض الراتب مافيه بركة!!

عبدالله سعيد الغامدي. الراتب ما فيه بركة اولاً البركة في وجه الله سبحانه يمنحها لمن …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com