حبيبة بقلب أم



‏حينما تحبك امرأة، فقد ضحكت لك الدنيا، وحينما تهبك قلبها، وثقتها، فقد جادت لك بأثمن مالديها، وحينما تراك أفضل الرجال، فأعلم أنها قد أصيبت بعمى اختياري من قبلها، حتى لا ترى رجلا آخر، أو تسمح بمنافسٍ لك على عرش قلبها.
‏وحينما يكرمك القدر كرماً شديداً ، فإنه سيعطيك حبيبةً بقلب أمٍ وعاشقةٍ في آن.
‏وهنا فقد أغرقك الخالق في نعيم الدنيا العاجل.
‏فكيف لك بامرأة جمعت قلبين في جوفها، قلب عاشقة، وقلب أمٍ حنونٍ رؤوم.
‏وهذه ميزة لدى المرأة على الرجل ، فالرجل عقلاني أكثر منه عاطفي، والمرأة عاطفية أكثر منها عقلانية.
‏حينما يمنحك القدر هذه الهدية السماوية، ثم لاتقف عندها طويلا شاكرا الله أن وهبك إياها، وعجل لك بشيء من نعيم الآخرة، وحينما لاتقدرها التقدير الكامل، وتعرف قيمة نعمتك، فتتعالى عليها، أو تخونها، أو تخذلها، أو تعق قلب الأم القابع بين جنبيها، فحتماً ستبتلى بزوال نعمتك، وتحول سعادتك إلى شقاء، وراحتك إلى عناء، و نعيمك إلى جحيم لايطاق.
‏مثل هذه المرأة  لاتتكرر في حياة الرجل مرتين.
‏فلنقل إنها ضحكة قدر ،و مصالحة الحياة لذلك الرجل بتلك المرأة الفريدة.
‏وأجد الأبيات التالية ملائمةً للإستشهاد بها على مضمون مقالي ، فهي تصب في ذات المعنى ، مع اختلاف المناسبة.

‏يقول ابن زريق البغدادي، بعدما غادر بلاده  طمعاً في جني مالٍ أكثر ،  في الأندلس عندما  ارتحل إليها، مخلفاً وراءه زوجته المحبة الصادرة على فقره وشظف العيش معه، وهي تتوسله البقاء معها والقنوع بما كتبه الله له من رزق في بغداد  ، لكنه أبى وغادرها وغادر الدنيا بأكملها وفارق نعيماً لم يٌحسن شكره في الماضي .
‏يقول:

‏رزقت  ملكـاً فلـم أحسـن سياسـتـه
‏وكـل مـن لا يسـوس المُلـكَ يُخلعـه

‏ومـن غـدا لابسـاً ثـوب النعيـم بـلا
‏شـكـر علـيـه فــإن الله يـنـزعـه

‏اعتضت من وجـه خلّـي بعـد فرقتـه
‏كأسـاً أجـرّع منهـا مــا أجـرعـه

‏كم قائـل لـيَ ذقـت البيـن قلـت لـه
‏الذنـب والله ذنـبـي لـسـت أدفـعـه

‏ألا أقمـت فـكـان الـرشـد أجمـعـه
‏لـو أننـي يـوم بـان الرشـد اتبـعـه

‏بقلم/ عائشة عسيري.>

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com