علاج العقول

الدكتور صالح الحمادي

يبدأ تكاتف الدول، وتحضرها، وقوة خطوطها الداخلية، من خلال العقول البشرية، يقول آن مارشال أشد درجات الاستثمار الحقيقي في العقول البشرية فإذا تعطلت العقول تعطلت التنمية ، وتعطل بناء وتطور المجتمع.

العالم يمر حاليا بكارثة صحية واقتصادية ،والشعوب بدأت في الاحترازات لدرء خطر فيروس “كورونا” وتعتبر الصين أول البدايات الحقيقية لهذا الفايروس وأول من تصدى له بخطوات صحية احترازية بدأت بتعليمات مشددة بوقف المصافحة لأن الفايروس ينتقل بالاحتكاك وهنا اتضح للعالم درجة الوعي والعقول الصينية التي نفذت التعليمات حرفيا وأوقفت المصافحة كما التزمت بجميع تعليمات وزارة الصحة حرفيا فكانت النتائج إيجابية وبالتالي انحسر الخطر من خمسة آلاف مصاب يوميا إلى خمسة أفراد يوميا وقد تصل الصفر نهاية الأسبوع الحالي.

ماذا عن مجتمعنا وبعد تعليمات وزارة الصحة وبعد كافة الاحترازات التي اتخذتها الدولة ؟ البعض تجاوب حرفيا والتزم بالتعليمات ، وتوقف عن المصافحة وتواصل العنفر بالعنفر والخشم بالخشم وتوقفوا عن التجمعات وعن الهياط وعن كل المخالفات السلوكية والمعيشية، والبعض استمروا في غيهم يعمهون، فالمصافحة تتم بشكل مكرر، وبشكل ممل يوميا ولا يعيرون التعليمات أي اهتمام ولا يستوعبون الآيات القرآنية ولا الاحاديث النبوية ويعتقدون أن أفعالهم في سياق التواضع بينما هي بعيدة عن المنطق وعن العقل البشري السوي.

يقول أحد الدارسين في بريطانيا ذات ليلة ظهر وزير الطاقة يطلب من المواطنين الترشيد في الكهرباء فلم يكمل طلبه حتى تحرك الجميع لإغلاق المصابيح الزائدة وهذا مؤشر على طاعة ولي الأمر وتنفيذ التوجيهات التي تصب لصالح المجتمع بينما حملة وقف المصافحة ” سلم لا تصافح” لم تجد صداها لفوارق العقول والثقافة بين الشعوب.

الفوارق بين المجتمعات تكمن في العقل فقط، فالعاقل يلتزم بتعاليم الدين الحنيف وبتعليم الدولة كما فعل الشعب الصيني العاقل، اما الذي لا يقرأ ولا يسمع ولا يتقيد بما يمليه عليه الضمير ويضع في إذن عجين والأخرى طحين فعليه مراجعة الذات ففي ذلك إماطة أذى عن الأخرين.

بعض المجتمعات تحتاج لبناء العقول، وعلاجها حتى لو بالمشعاب، المريض يلزم بيته ، والصحيح يفك الناس من مصافحته ويكتفي بالقاعدة الفلسفية الشرعية النظر سلام” بل أن بعض المتهاونين يحتاجون كاميرات مراقبة وغرامات مرتفعة عسى ولعلى.

أفضل ما يمكن عمله في الظروف الحالية، الأخذ بحديث النبي حين سُئِل: ما النجاة؟ قال أمسك عليك لسانك أي (لا للإشاعات) ، وليسعك بيتك أي (البقاء في المنزل)، وابْكِ على خطيئتك أي (الاستغفار والدعاء).

>

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com