بقلم / د. صالح الحمادي
ركز الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير منذ تسلمه الثقة الملكية الكريمة على اصلاح القلوب لأنها المدخل الأساسي لبناء مجتمع متصالح مع ذاته وبعدها يسهل فتح الدروب وبناء بهجة الحياة كما هي خطة التحول الوطني واستراتيجية الرؤية.
في عز الألم والوجع الذي حل بقبيلة بني رزام بفقد قدوتهم ورمزهم مشافي بن علي بن عفتان الذي ودع الحياة الدنيا بعد خدمة وطنه بإخلاص وخدمة قبيلته كنائب حوالي سبعة عقود تمدد السؤال على ألسنة المفتقدين والمعزين عن البديل وكان شيخ قبائل بني مالك الشيخ أحمد بن علي بن معدي حاضر للمشهد ويتابع بصمت وحكمة وفي لحظة الحسم اجتمعت أسرة آل عفتان لدقائق بسيطة وعادوا بمرشحهم سعيد بن علي بن عفتان الذي وجد ترشيحه ترحيبا صادقا من شيخ قبائل بني مالك ومن أبناء القبيلة لما يملكه سعيد بن عفتان من خبرة تربوية ودينية وثقافية منسجمة مع المرحلة وحرصه من قبل على دعم القبيلة على كافة الصعد وحرصه على سمعة القبيلة وأسرة آل عفتان في مواجيبه الشخصية وفي ظهوره دائما مع علية القوم.
كانت دقائق الحسم في جو أسري رائع تعكس ما سعى له أمير عسير من صفاء النوايا وإصلاح القلوب قبل الدروب وتعكس ثقافة وعقليات أسرة آل عفتان الذين قرروا ودعموا وصدقوا فكانوا ولا زالوا محل تقدير بن معدي وعموم قبيلة بني رزام والمجتمع يذكر جيدا عراقة الأسرة وتاريخها الناصع البياض من عهد جدهم عبدالله نائب القبيلة قبل مائتا عام تقريبا ثم أبنه أحمد ثم علي وأخيرا فقيد بني مالك مشافي بن عفتان ويذكرون جهود كبير الأسرة حاليا عبدالله بن علي بن عفتان ووقفاته التاريخية وجهود سليمان بن علي بن عفتان وما قام به في أواخر سنوات مرض شقيقه مشافي وجهود أحمد بن عبدالله بن عفتان في الإصلاح ولجان القبيلة وجهود كل فرد من أسرة آل عفتان لتماسك القبيلة وبناء مجدها بشكل مشرف، والأن يقفون على عتبة تاريخ جديد مع سعيد بن علي بن عفتان المرتكي للحمل الثقيل وفعوله من قبل ولاحقا تنومس قبيلته وأسرته.
المشهد في مجمله يقدم نموذجا رائعا لروح التأصيل الإسلامي لممارساتنا الدنيوية في إطار الضرورات الخمس وفي إطار ما يسعى له أمير عسير ومشايخ القبائل ومن ضمنهم شيخ قبائل بني مالك لتنقية القلوب وغسل النفوس بماء الود والتقدير والمحافظة على القيم والمبادئ والعادات الحميدة …..المشهد يعمل قراءة واضحة لدور شيخ القبيلة عندما يكون على مستوى المسئولية بصمته وحكمته وصدقه وقد كان شيخ قبائل بني مالك أحمد بن معدي كما عهدناه وكان حضوره ذو بُعد قيمي جمعي لتقديره لأسرة آل عفتان ولقبيلة بن رزام وهذا محل اهتزاز الجميع ، وسيذهب برسالته الجميلة لأمير عسير ومشايخ المنطقة لقراءة المشهد الذي يخدم القيم ويجمع الأسر ولا يفرقها لعل الرسالة تصل لمن فرقتهم الاطماع وافسدوا لحمة قبائلهم بنزوات شيطانية مؤلمة فقد ضربت اسرة آل عفتان وقبيلة بني رزام بقيادة الشيخ أحمد بن معدي أروع الأمثلة وقدموا جميعا أجمل صورة ترابط وتلاحم في زمن تركي بن طلال بن عبدالعزيز الذي يثمن ويقدر كل قبيلة تعالج وتحتوي أمورها بهدوء بعيد عن الضجيج ويثمن مسارات اصلاح القلوب قبل الدروب.
رغم سعادتي الغامرة بما توصلت له أسرة آل عفتان وقبيلة بني رزام بمباركة من الشيخ أحمد بن معدي لكن صورة الألم والحسرة اتسعت دوائرها وأنا أشاهد وأسمع العميد سعيد بن مشافي بن عفتان أبن فقيدنا يعلن الاتفاق ثم وصل الوجع ذروته وأنا اغادر المنزل الذي اعتدنا الاجتماع فيه مع قدوتنا ونائبنا الذي كان يعالج الكثير من الأمور بالحكمة والصبر أما مشاعر الحسرة فقد تولدت من جديد لحظة استلامي ملف السلم المجتمعي من مقام الأمارة وقرأت المحتوى فتذكرت كل جزئية من حياة فقيدنا الغالي وتسألت عن مغادرته النهائية هذه الدنيا الفانية هل هذا يعني مغادرتنا لمنزله الذي كان يجمعنا دون عودة ؟