بقلم الأستاذ الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أخي الصائم .. أختي الصائمة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فيقول عز من قائل: ومن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر(البقرة:185). فانظر يا أخي المسلم إلى هذه الرحمة الإلهية، والـمكرمة الربانية التي جعلت من شهر رمضان شهراً للرحمة والعطف، وموسماً للبر واللطف، وليس أدل على ذلك من رحمة الله بعباده وتيسيره لهم في مسألة الترخيص في فطر أيام هذا الشهر، وعدم التكليف بالصيام لمن كانت لهم أعذار شرعية أو أسبابٌ صحية تمنعهم من الصيام كالمرض الشديد، أو السفر، أو كِبَر السن، قال تعالى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين (سورة البقرة: 184). ولقول ابن عباس (رضي الله عنهما):
((رُخص للشيخ الكبير أن يُطعم عن كل يومٍ مسكينًا ولا قضاء عليه)) (رواه الدار قنطي والحاكم وصححه).
وممن رُخص لهم الحامل، والمرضع، والنُفساء، والحائض مع القضاء تيسيراً وتخفيفاً من العليم الخبير الذي هو أرحم بعباده من الأم بولدها.
وهذا فيه درسٌ تربويٌ رمضانيٌ يدل على عظيم لطف الله تعالى، وكريم عطفه. قال سبحانه:ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً (سورة النساء :29). كما أن فيه مراعاةً لجانبٍ تربويٍ آخر وهو ما يسمى بالفروق الفردية والقدرات الشخصية التي نعلم جميعاً أنها لا تكون متماثلةً عند الجميع.
فيا أخي الصائم , ويا أختي الصائمة :
هل لنا من وقفة مع هذا التيسير الكريم، وهذا الهدي المبارك، وهذه القيم الإسلامية الرفيعة، والمثل الخُلقية العليا، التي إن دلت على شيء فإنما تدل على مدى عظمة الإسلام وإنسانيته ولطفه بأبنائه في مختلف الظروف والأحوال، وعند أداء العبادات وسائر الطاعات؟
وهل لنا أن ندرك أن من لم يأخذ بهذه الرخص فقد حمَّل نفسه أكثر مما تطيق، وحاد عن المنهج الصحيح؟
ثم هل لنا أن نبين لأصحاب هذه الرخص أن عليهم ألا يُجاهروا بالفطر في الأماكن العامة حتى لا يظن بهم الآخرون الظنون؟
والله نسأل أن يُمتعنا وإياكم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا، وألا يدع لنا مريضاً إلا شفاه، ولا مبتلى إلا عافاه، ولا ديّناً إلا قضاه، ولا هماً إلا فرجه، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضاها بمنه وفضله وكرمه، والحمد لله رب العالمين.