وداعا أبها

 

الكاتب: سلمان الحريصي –

هاهو الغروب يلوح في الأفق..وهاهي لحظات الوداع الخانقه ترتسم على محياي..سنين من العمر في أبها ..

واللحظه .. كأن القبطان يدق ناقوس الإبحار عن شواطئها..أبها كانت وستظل لي وطنا .. لكن لا بد من الرحيل والفراق فسنة الحياه تقتضي أن دوام الحال من المحال..

من أين أبدأ ي أبها ..أخبري ذاك الفتى القروي الذي جاءك صغيرا محملا بآمال والديه وآمال محبيه..وآماله هو قبل كل شيء..أخبريه يا أرض الحسن من أين البداية..وكيف تكون الكتابة..فذاك الفتى قد تناسى كل الأحرف في حضورك..واللوم على من لامه في ذلك..كيف لا يتردد وأنت الأبهى يا أبها..

قررت أن أعتلي جبلك الأخضر..لأراك حق الرؤية..وأرسمك لأصدقائي..لطالما اعتليت هذا الجبل مرارا وتكرارا..لكن هذه المرة تبدو مختلفة يا أبها..
فتى في أوج طيشانه حضرت إليك..لا أعرف من هذا العالم الواسع إلا قريتي الصغيرة..كنت أظن – وخاب ظني – .. ألا شيء سيزاحم هذه القرية السكن في قلبي..أنت يا أبها تخيبين الظنون ..وتكسرين كل قوانين الحب والجاذبية..شاركتي القرية الصغيرة الحب والشوق واللهفة..ماذا أقول عنك وماذا أدع..

قلمي عصي على الكتابة المتدفقة..يأبى أن يُسيلَ حبره .. عكس أيامه السابقه..
نسيمك العليل ..وجوك البهي .. لم يشفعا لقلمي للمواصلة..حقا يا أبها أي قلم سيصفك وينصفك..وأي كاتب سيكتبك..حتى الرسم لا أحد يستطيع..
سنين من العشق والهيام بك..أيام وليال لا تنسى في كنفك..انكسارات وانتصارات عشتها في أحضانك..انكسر فيواسني نسيمك الهادئ وجوك العليل..تواسيني السودة بضبابها وخضرتها..تواسيني أبها الجديدة وبحيرتها..يواسيني أبو خيال ومعه الحزام..يواسني الممشى..الحبلة أيضا لها نصيب من مواساتي ..حتى الجبل الأخضر الذي أنعم بهدوئه اﻵن يشاركهم المواساة..يزول الهم بعد رؤيتهم وأتناسى الإنكسارات في حضورهم.. أرأيتي يا أبها كيف كنت لي عونا وسندا في أشد أيام العمر..

الوقوف على أطلالك هنا من أعلى الجبل الأخضر..يجعلني استرجع الذاكرة.. أول لقاء جمعني بك..استقبلتيني بالضباب..وقطرات المطر..والجو العليل .. من أول نظره شغفتيني حبا..أصبحت متيما بك..فالحب من أول نظره..أنت من أثبت لي هذه النظرية..

أيا أبها..
تتقازم الحروف في حضورك..وتعجز الكلمات عن وصفك..كل ماقيل عنك لم ينصفك بعد..ها أنذا يا مدينتي المفضله أغادر ترابك..أغادر خضرتك..أغادر بهاءك وطيبتك..أغادرك ولك في القلب مكان وفي العقل ذكرى..لم يخيل لي أنك ستأسرين قلبي وتتملكين إحساسي .. كنت أظن أنك كغيرك من الأماكن..تأبين ي أبها إلا أن تكوني مختلفة عن كل البقاع..أنت عصية على النسيان..
أغادرك بعد إن جئتك صفر اليدين..خالي الوفاض..مليء بالكثير من الآلام والآمال..والآن أودعك وأول أحلامي بصحبتي..وآمالي تسبقني نحو أهدافي .. بذلتي معي جهدا من أجل الوصول إلى حلمي وتحقيقه..

ها أنذا يا أبها الفتى الصغير الذي جاءك ذات يوم..ظننتي أنني سأكون عابر سبيل وأرحل..هذا لم يحدث..أراني وكأن أبها احتضنتني من أول قدوم لي على الدنيا..لم أكن كما ظننتي أيتها البهيه..الآن أرحل بجسدي وأترك روحي لديك لتحرس ما بقي من ذكريات..كيف لا أتركها وعلى ترابك أول الأحلام تحققت بفضل ربي أولا ثم أبي وأمي وبقية الصحب المخلصين..

الآن يا أبها أراك أجمل وأبهى من كل مرة لمحتك فيها..لا أدري أهو الوداع يصنع ذلك..أم أن حسنك يتجدد يوما بعد يوم..
هاهي دموع الفراق لمعشوقتي تنهمر والجبل الأخضر وورقتي وقلمي هم الشهود على تلك الدموع..ليروونها لأبها في قادم الأيام..

كل اﻷحبه هنا..من شاركوني تلك الأعوام الخضراء فخور بكم وفخور بصحبتكم أعوام وأعوام..أنتم مكسبي الحقيقي..

ختاما ..
إن توارت شمسك الوضاءه خلف حجابها..وأقبل الوداع بوجهه الشاحب .. ونظراته المثقلة بالهم والحسره .. ستبقين في الذاكره..ويبقى بهائك كما رسمته من أول لقاء..وستبقى كل ذكرياتك وكل دقائق فرح عشتها هنا في مخيلتي يا أبها ..
وداعا أيتها الفاتنة ستبقى القلوب على اتصال..

>

شاهد أيضاً

إن خانتك قواك ما خانك ربك ولا خانك ظناك

بقلم: ابراهيم العسكري تعرضت قبل فترة لعارض صحي اعياني من الحركة وارقني من النوم واثقل …

2 تعليقات

  1. سلملن الحريصي جبال الحشر وأهلها فخورين بنجاحك وعودتك . وحق لأبها ان تختال بعدما طوقتها بهذا العقد المرصع بلألئ عباراتك مبارك نجاحك وتعيينك أخصائي صيدله بمستشفى بني مالك وهنيئا لمجتعمك ومحبيك لوجود امثالك بينهم.

  2. راااائع حفظك الله

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com