مشروعك الأعظم

بقلم الأستاذة/ صالحة القحطاني ..

قال تعالى :(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين) لست وحدك على هذه الأرض من يعاني ولست وحدك من تعرض لأذى ،فكلنا ذاك الذي تهاوت من بين أضلعه الأمنيات، وسرق الليل من عينيه دمعه ،كلنا ذاك الذي سقط في بقعة مظلمة عميقة بداخله .
من ذا الذي نال في دنياه غايته؟
‏من ذا الذي عاش فيها ناعمَ البال؟
‏يَفنى الفتى وعلى عينيه أشرعةٌ
‏من الذهول تواري دمعه الغالي
‏يَضيق بالمرء عمرٌ لو أفاق له
‏لَما قضاه بتفريطٍ وإهمال
‏آمنتُ بالله لا يأسي سينفعني
‏ولا بكائي فإن الله أبقى لي
-العشماوي-
ففي خضمّ الحياة وأعبائها وضغوطاتها وما يعتريها من المكدّرات والمنغصّات والآلآم والأتراح لسلوى ومنحة، متى ما اقترن ذلك بالرضى بأقدار الله بنفس راضية ،وقلب يسلّم الأمر له في كل حال ، و تنهض لتتعافى من آلامك، وتتحرر من قبضتك، وتعيش واقعك ،وتقبل دنياك كما هي ،فسوف لا يصفو لك فيها صاحب، و لا يكمَل لك فيها أمر،لأن الصفاء والكمال ليس من شأنها ولا من صفاتها، يقول جويل أوستين : ” إبتكر من نفسك أفضل مايُمكن أن تكون عليه .. وسوف تصل إلى حيث قدّر الله لك أن تكون” فالنفس البشرية لاتحتاج إلى طُرُقْ معقّدة حتى نفهمها بقدر ماتحتاج إلى شعورنا وإحساسنا بصدق ،وأن نواجه ونجابه ظنون النفس وآلامها، وننتصر لها ونقول ونفعل ونضحك ونستسلم، ثم نعود للحزن مرة أخرى ولكن بقدر ويكون ذلك بين محيط النفس لايتعداها ، ونتدارك فصول الحكايات الأخيرة، ونتمرّد على الواقع ، ونجتاز حدوده، ونخلقُ لنا أجنحة لنحلّق حين يتحتم علينا ذلك، ونُحيط أنفسنا بسياج السلام والطمأنينة والسعة والرحابة .( إنَّ الله لايُغَيِّرُ مابِقْومٍ حَتَّى يُغيِّرُوا مابأنْفُسِهِمْ ) لذلك لاتنتظر من الآخرين شيئاً إن لم تمنحه أنت لنفسك، إذا لم تهبها الحب وتمنحها السلام فلا تنشده خارج محيط ذاتك ، بتأسيس بيئة في داخلك من التصالح، والرضى لمواجهة منعطفات الحياة ،والتأهب لظروفها في أسوء الأحوال، فأصعب مواجهة على الإطلاق هي مواجهة “النفس “وسبر أغوارها والنظر لها بمنظورٍ مختلف عما قبله ،لكنَّه بنفس الوقت جميل وللغاية يُشعرُكَ بثقة بالنفس، والتصالح معها، وأنك أصبحت أنت المسؤول فيما يجب أن تقول وتفعل دون تردد، وتجعل مرآة روحك صافية، وتعيش مع نفسك في حالة سلام ورضى ،إيماناً بقدراتك، وسعادة بقراراتك، فليس أقسى من إكتشافك لنفسك ،لكنه لِزاماً كي تكون درع حماية كيلا تسقط في وحل مخاوفك وتجد أنك خالي الوِفاض ،حين جعلت من نفسك هي العدو الأول الذي خشيت مواجهته منذ البداية.
مؤسف أننا ندرك ذلك متأخراً، حينما يموت الكلام، ويضمحِّل الصبر في صدورنا، وننسى كيف نقول ،وكيف نعبّر ،وكيف نشكو الهمّ ،وكيف نصف التعب ، نعترف أننا تأخرنا في فهم أشياء كثيره أوّلها أنفسنا وذواتنا.
ختاماً: “حين تقرّر اتخاذ الخطوة الأولى، لايتعيّن عليك رؤية الدَرج بالكامل ، فقط قُم بالخُطوة الأولى”
-مارتن لوثر كينج-

شاهد أيضاً

إن خانتك قواك ما خانك ربك ولا خانك ظناك

بقلم: ابراهيم العسكري تعرضت قبل فترة لعارض صحي اعياني من الحركة وارقني من النوم واثقل …

5 تعليقات

  1. منال القحطاني

    شكرا لك ولحرفك الجميل ي صاحبة القلم المبدع 🫶🏽

  2. مبدعه دائما صالحه واناملك ينضح منها النور ✨️♥️

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com