من أهم الصناعات الراقية التي لا تتحقَّق إلا بمواجهة الصعوبات الدقيقة والظروف الحياتية المختلفة هي صناعة الإنسان، والتي تكون بدايتها الأسرة والمدرسة والمجتمع، تلك المؤسسات التعليمية التي من خلالها يستطيع الإنسان بناء شخصيته الفكرية وتحديد أهدافه في الحياة.
تتقدم الأمم بخطى ثابتة من خلال توظيف طاقات أبنائها الفكرية والجسدية والوطنية، فاستطاعت بكل فخرٍ واقتدار صناعة مجتمعات ناجحة، أثبت الإنسان فيها كفاءته الفكرية والجسدية، فأصبح قادرا على بناء مجتمعاً راقياً مُتبصّراً بنور العلم والفهم، وتمثل ذلك في قدراته وإمكانياته الصناعية وحفظه لثروات بلاده المختلفة؛ وذلك من خلال اكتساب واستثمار العلوم النافعة وتطبيقها بالشكل السليم الذي يضمن للإنسان استقراره وراحته وإنسانيته في مجتمعه ووطنه؛ فهناك الكثير من الدول المتقدمة التي استطاعت النهوض بقدراتها البشرية من بين رماد الحروب الضارية؛ فوقفت بكل جدارة وفخر واعتزاز شامخة لتُعلن للجميع نجاحها وازدهارها وتفوقها بين الأمم؛ وذلك بفضل إيمانها العميق بأهمية التعليم أولاً وأخيراً فحقَّقت الكثير من الإنجازات والازدهار والتقدم العلمي، ومن هذه الدول المشهورة اليابان أين كانت وأين وصلت، وسنغافورة أين كانت وأين أصبحت، والكثير من الدول المتقدمة التي كان الجهل يُخيِّم عليها، ولكن بمجرد احترامها للعلم وسعيها ومُثابرتها للحصول عليه وتوظيفه بالشكل اللائق في خدمة الإنسان؛ وذلك من خلال احترام وتقدير طاقات أبنائها الفكرية والعلمية استطاعت فرض نفسها على الجميع، فأصبح الجميعُ يشير إليها بالبنان احتراماً وتقديراً وتكريماً لها ولطاقاتها البشرية.
وإيماناً من المملكة العربية السعودية بأهمية التعليم وبدور المعلم في المجتمع وتأثيره المباشر عليه، فقد قامت بوضع المعلم على سلم أولوياتها في رؤية ٢٠٣٠، وهي رؤية تنموية تهتم بتطوير وتقدم المجتمع السعودي.
فالمعلم والمعلمة على حد سواء يمتلكون إمكانيات كبيرة وقدرات هائلة لبناء شخصية الأجيال القادمة والعمل على تثقيفهم، خاصةً إذا كانوا في مقتبل العمر، فهم منبرٌ للعلم والمعرفة وهم بذلك قادرين على تنمية الفكر والعقل لدى الطالب، ودورهما لا يقتصر فقط على تدريس المقررات العلمية داخل الفصول التعليمية، وتقويم الطلاب داخل أسوار المدرسة، ولكن الدور المنوط به في المجتمع يتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك حيث إن المعلم يقدم القدوة للطلاب في سنواتهم الأولى، وبالتالي يتعلمون منه القيم والأخلاق الطيبة.
ولذلك فإن المعلم يحظى بمكانة مرتفعة في المجتمع، ومحل ثقته بشكل كبير، من خلال قيامه ببث خبراته العملية والعلمية للطلاب، كما يبتعد عن كل ما يُمكن أن يُنقص من قدرهِ من الأقوال والأفعال غير اللائقة، فالمعلم يجب عليه أن يضع نصب عينه الطريقة المثلى للتعامل مع الطلاب وأولياء الأمور، بل والمحيطين به ممن يتعاملون معه دومًا، فيتعامل بالرفق واللِّين، ويبتعد عن الغلظة والفجاجة، لكي يصبح مثالًا يقتدي به الجميع.
*بقلم المعلم / عبدالله بن عوض العوفي.*
إنسان عظيم… استفدنا منك كثيرا أ. عبدالله، بارك الله فيك.