بقلم أ . محمد فايع
بداية فلايمكن لأحد أن(ينكر النعم والخيرات)التي نعيشها اليوم في بلادنا الغالية السعودية،وحظي بها الجيل الحاضر،وهي تستحق أن نشكر الله عليها كي تدوم،إلا أننا عندما(نتذكر الماضي ونعود إليه)فنحن نتوقف عند (البساطة)بساطة العيش،وخلو حياة ذاك الجيل من التعقيدات،رغم أن كل شيء كان يتطلب آنذاك جهدا وعملا ومشقة وتعب،ولكنها المشقة التي تعقبها لذة ومتعة وشعور بجمال الحياة،وهذا ما ميّز حياة(الأجداد والآباء)التي لايعرف عنها(الأحفاد)الكثير،أوقد لا يعرفونها البتة .
فلم يكن لدى جيل الأمس شيء اسمه(الفراغ)ولم تكن (الأجواء ملوثة)في سمائهم،وكان أكلهم(صحيا)إلى حد لخلوه من المصنعّات والمركبات والاضافات والأكلات السريعة،فسلمت أجسادهم من الأمراض المزمنة،فهم يأكلون مما تنبت أراضيهم،وتزرعه أياديهم.
ولأننا في(شهر رمضان)الضيف الذي يزورنا مرة في كل عام فإن الذاكرة تعود بي لاستعادة شيء مما كنت أسمعه من كبار السن وذكرياتهم عن رمضان،منها،كيف أنهم كانوا يفطرون على(الماء والتمر،وقليل من كان لديه قهوة)ثم كيف أنهم كانوا عقب الافطار(يسارعون)إلى المساجد للحاق بصلاة المغرب،فلم تكن ثلاثة أرباع ما يتم وضعه اليوم من (أكلات وحلويات ومشروبات)معروفة لديهم،وبعد أن (يعودوا)من صلاتهم(تكون سفرهم البسيطة)قد احتوت على أصناف جديدة،غير أنها بسيطةمن بينها(الشوربة،السمبوسة،وخبز البرأوالشعير أوالذرة)المخبوز في(التنور المنزلي)إضافة إلى بعض(اللبن)ولم يعرفوا من أصناف(الحلا)إلاما يعرف باسم(المهلبية أو التطلي)الذي يُعد في البيوت .
علما أنه ليست كل البيوت كانت قادرة على أن تحصل على بعض تلك الأكلات التي ذكرت في ذلك الزمن،لكن السمة الغالبة على حياة الناس أنهم كانوا (يشعرون بالرضا والقناعة)بما رزقهم الله،وهذا الإحساس كان كافيا ليسد رمقهم،ويروي عطشهم ويشعرهم بالسعادة،وهم آمنون مطمئنون في بلادهم،لهذا كانت(علامات الرضا لا تفارق وجوههم)ولم تكن (دعوات الذكر والحمد)والشكر للرحمن تنفك عن ألسنتهم .
لهذا(بساطة حياتهم)آنذاك وتلقائيتها وخلوها من التعقيدات،كانوا من خلالها يجدون(متسعا من الوقت)لممارسة عباداتهم،والتلذذ بروحانية شهرهم الكريم،وكانوا يجدون وقتا لتبادل لزيارات بينهم،وللتواصل وكذلك السمر،وكان الصغار يجدون وقتا لممارسة الألعاب الشعبية والرياضات الخفيفة مثل(كرة الطائرة) .
كل تلك(الطقوس والتقاليد)التي كانت في رمضانات الأمس قد تغيرت اليوم،فغابت عادات رمضانية كانت،وأتت عادات جديدة،وأصبح (الاستهلاك الرمضاني)يأخذ حيزا كبيرا من حياة الناس وميزانياتهم،حتى أصبحت(موائدهم الرمضانية )المزدحمة بكل ما لذ وطاب من أصناف الطعام والمشروبات(تشغلهم)إلى جانب(الفضائيات) التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي التي خطفت منهم الزيارات المباشرة،والمسامرات،التي كانت تجمع الأهل والأصدقاء وجيران الحي.
من هنا وعبرالإطلالة السريعة على شيء من(مشاهد رمضان الأمس)وما طرأ من متغيرات على(مشاهد رمضان اليوم)فإننا لانزال نجد بيننا من الناس من(يشعر بالحنين للماضي)ويشتاق إلى رمضان الأمس،مثلما نجد من هو سعيد بتلك(المتغيرات والتحولات الحياتية)التي جرت على حياتهم،بفعل التغيرات كسنة من سنن الكون المتغير .
لكن ستبقى(حالة الحنين)تظهرعلى من عاش رمضانات الأمس كلما أتى رمضان جديد عليهم،وعلى أبناء الجيل الحاضر،الذين سمعوا ممن سبقوهم عن رمضانات الأمس،رغم أنهم(لم يعرفوا)أجواء رمضانات الماضي ولم يعشوا بساطتها
فمعظم الأسر(عادوا إلى بعض الطقوس الرمضانية)فشهدنا عودة(لفوانيس رمضان والزينة الرمضانية)التي تم وضعها في زوايا بيوتهم،وحول موائدهم الرمضانية وشاهدنا إحياء لبعض العادات الرمضانية لإيجاد أجواء رمضانية مبهجة،تعيدهم إلى تذكر كيف كانت أجواء رمضان الأمس الجميلة وللحديث بقية