توحشتك بجزاف او كما يقولون هم بالزاف

بقلم : إبراهيم العسكري

لي صديق حميم عظيم تربطني به صلة قرابة من الدرجة الاقرب يحدثني عن مواقف لا امل حديثه حينما يتكلم بثقة عن مواقف عدة جرت عليه بارض الواقع وحينما يتحدث اصمت له جيدا واستمتع بما يقول فهو يروي التفاصيل بابهار ويجيد الطرح بتعابير الصوت والتصوير والحركات فكاني اعيش وسط تلك الاحداث التي يرويها بمتعة واحزن لما يخالجها من مواقف مؤلمة تحدث كمفاجات لم تكن في الحسبان..!

يقول محدثي تعينت قبل ثلاثين عامًا بعد تخرجي بذلك الصرح الشامخ لموطني باحد مدن المملكة الكبرى وكان عملي بنظام المناوبات وكنت حريص ان ابني لي مجدآ ومكانة جيدة من واقع عملي فانا كنت ابن قرية صغيرة وبسيطة ومن اسرة محافظة وتلقيت التعليم والكثير من وصايا الوالدين واهل قريتي بان امثلهم خير تمثل في القدوة الحسنة وان اختار المسار الصحيح وابتعد عن كل ما يسيء الى جانب التركيز على بناء حياة كريمه .

يضيف اشاروا اهلي بضرورة زواجي ولا زلت في السنة الاولى من تعييني فلم اجمع ما يكفى للتكاليف ومن واقع تربيتي استشعرت ان من الصعب تعبيري باي شكل امام رأي والداي فقد تعلمنا منهما ومن مجتمعنا القروي السمع والطاعة في غير معصية شعورًا منا بانهم ادرى واسبق بالعرف..!

يقول استجبت لرغبتهما وتزوجت ولم اندم وكنت حريص على شؤون حياتي بدءًا بطاعة الرحمن واسرتي وعملي رغم ان تكاليف الحياة بتلك المدينة غالية بما يفوق دخل وظيفتي في البدايات ولكن حاولنا التوازن حسب الوفر مع التقنين في الطلب مهما اغرت العروض .

يضيف بقوله بعد سنوات كان زميلي الاقرب في مناوبتي اعزب لم يتزوج واصبح يتنقل في كل اجازة في عدد من الدول وركز في الاخير على دولة المغرب ولقربي منه بالاخاء والمحبة في الله والالفه اصبحت اشفق عليه من كثرة الترحال بلا مردود وانصحه بان يتوقف عن السفر وان يختار له بنت حلال تبني بيته وتكون اسرته

فكان يرد لي بانه يستمتع بالسفر بدون قيود الاسرة التى يرى كثيرآ من اصحابه ما يعاون من تكاليفها وارتباطاتها ثم نتعاود الحوار من وقت لآخر حتى استطاع ان يرجح بكفةرأيه بالتجربة معه في احدى السفريات

واقنعني ان في السفر العديد من الفوائد ولا بد ان اكون رفيقآ له في احدى السفريات للمغرب .

يقول رتبنا امورنا وذهبنا لذلك البلدالرائع بطبيعته واهله ومررنا بهجر قروية اعادت لي ذكريات قريتي الجميله وبساطتها باهلها الذين يعملون في الحقول ويدعوننا بكرم ضيافه ويتحدثون بلهجات تودد ساحرة وبقينا نتنقل قرابة ثلاثة اسابيع شعرت انني كنت قيدًا لصاحبي في التوسع للنزهة فهو يقدرني واقدره لكن اصبح يختلس بعض الوقت للرغبة في العزلة والتنزه وحيدًا ولله الحمد لا ننسى حرصنا على اوقات الصلوات واتذكر دائما ان لي اسرة في بلدي هم وانا احوج ببعض.

يقول كنا نتجول ونتناول الذ الاطعمة بمدن مراكش وطنجة واقادير ونمر باماكن كثيرة وطبيعة خلابة واناس لا ترتوي من لحن لهجاتهم يملأهم في الغالب الابتسامة رغم صعوبة متطلبات الحياة لديهم بما يكفي..!

يضيف عدنا مودعين اهل تلك الديار بالحب وكلمات التوحش منهم بالزاف فكأنا ودعنا اهلنا واعطيناهم وعود العودة باذن الله.

كانت رحلة العودة بالطائرة حزينة بالنسبة لصاحبي اما انا فربما انساني شوقي لاسرتي معاناة صاحبي فكنت اطبطب عليه واردد له جمل جميلة بلهجة اهل المغرب ونحن لا زلنا في طريق العودة بالطائرة فيرد بقوله (وحق الله المعبود توحشت اقادير وطنجة بالزاف)

لم تمضى بضعة اشهر الا وانا اشاور صاحبي بالعودة لذلك البلد بالحاح فرتبنا اجازة قصيره وقطعنا تذاكر السفر وسبقني صاحبي للسفر بيومين لكي انهي مناوباتي التي تسبق الاجازة .

في المساء السابق لصباح سفري كنت في العمل وافكر ماذا بقي عليء من احتياجات السفر لترتيبها في حقيبة السفر التي نحيتها في صندوق سيارتي الخلفي وكنت اسمع رنات الهاتف الثابت بالمكتب ولزحمة المراجعين لم اتمكن من الرد وجوالي كان مصمت بعد صلاة المغرب فلم اسمع دقاته المتتاليه حتى جاء احدهم من المناوبات المجاورة وقال بيتك يتصل باستمرار ففتحت جوالي المصمت واذا به يحمل مكالمات كثيره من بيتي واتصلت فورآ فقالت زوجتي نحن عند الجيران وبيتنا يحترق .

وضعت ما بيدي وابلغت رفيقي في المناوبة بذلك وذهبت على عجل وسلمني الله من حادثين كادت ان تقع لولا لطف الله بسبب السرعة وخوفي على اسرتي.!

عند مقر سكننا وجد الزحام وسيارات الدفاع المدني تطفيء نيران منبعثة من شقتي ونزلت مرعوبآ على الفور فواجهني ضابط الدفاع المدني وطمأنني ان اسرتي بخير والوضع تحت السيطرة ولا انساها لذلك الضابط فلا زلت ادعي له بالتوفيق.

ذهبت لبيت جيراني ورايت أبنتي وامها وضيوف كانو في زيارتهم بخير فكاني حييت من الموت وحمد الله وشكرته وسجد له حمدآ وشكرًا.

يضيف بقوله اتصلت بصاحبي المنتظر لي في المغرب وقلت اعتذر ولا يمكنني السفر فقد حصل كذا وكذا ولعل في الأمر خير وخيرة.

كان محدثي قد اقترض من البنك ليعيش رحلته المغربية باستمتاع فاصبح احوج للمبلغ لترميم شقته المستأجرة واصلاحها وتغيير اثاثها ولم يكفي المبلغ فقد استدان وكانت سفرته للمغرب الاولى هي الاخيرة واختار الله له الخيرة .

ومضة:

(لعل في الزواج المبكر الخير والبركة اتباعآ لتوجيه رسولنا الامين

يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

اللهم لطفك اينما سيرتنا في هذه الحياة الدنيا.

شاهد أيضاً

((طوفان الأقصى جاء ذريعة لإسرائيل))

بقلم/ حسن سلطان المازني دعونا نتحدث بصراحة بعيداً عن العنتريات الكرتونية ماذا حقق طوفان الاقصى …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com