بقلم / الدكتور صالح الحمادي
أحب مسرح الحياة في جزر واق الواق لأنه مفتوح على مصراعيه لسرد الحكايات الوهمية والسوالف المتشعبة من وحي الخيال، بل أن شعب هذه الجزيرة يتفنن في رسم سيناريو زائف بعيدا عن الحقيقة، وبعيدا عن الواقع.
في هذه الجزيرة الحياة لا تبدأ بالولادة، بل بالوعي، ولا تنتهي بالموت، بل بانطفاء الروح، يقولون سكان هذه الجزيرة كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة، ويؤمنون بمنطقِ الطبلة والربابة، وطاخ طيخ “خويش”.
منسوبو التعليم في جزيرة واق الواق يعلقون شعار خاص بهم ولا يشاركهم فيه أحد وهو أن “العلم آداب وما عدا ذلك مهن وحرف” ولذا يكرسون جهودهم لترجمة هذا الشعار بما يضمن مواكبة المستقبل، والمحزن ما قاله شكسبير عنهم ( أحيانا لا تحزنك الكلمات التي تقال عنك بمقدار حزنك عندما تعرف من قالها ).
هل يعلم وزير التعليم ما قاله المعلمون والآباء عن زيارته وما صاحبها من كلام مثقوب؟ لقد قرروا الذهاب بالوزير لثلاث مدارس تم اختيارها بمنطق الطبلة والربابة، وتم تبليغ هذه المدارس بزيارة الوزير فكانوا أمام خيارين لا ثالث لهما أما تقديم الواقع كما هو بدون رتوش وبدون مكياج، أو تقديم أنفسهم بثياب مثقوبة، وبين هذه وتلك ” اتى التلميع” فكان الوزير وبعد أن طاوعهم بزيارة مدرستين من الثلاث ذكي فقرر الذهاب لمدرسة غير المدرسة المعلنة ليكشف الواقع بنفسه فوجد مدير المدرسة لوحده بدون معلمين، وبدون طلاب بينما المدرسة الثالثة التي اختارت “التلميع” رغم تميزها طوال العام أحضرت الطلاب بطريقة الاختراع وجلبت المعاقين ليكونوا ضمن وسائل الابهار، وانتظروا زيارة الوزير فلم تتم.
الحكم على الشيء فرعا من تصوره وما تم من بهرجة وتلميع مبالغ فيه جعل المشاركين في سيناريو هذه المسرحية على بلاطة، ومثل الطائح وما سمى عليه أحد، لن اعلق على فصول المسرحية لأن “كذابين الزفة لا يستحون”، لكن اشفقت على ابطال المسرحية وهم يرددون في قفلة العرض المسرحي ” نحن معلمون لا نستحي، وقيادات تربوية لا تستحي”، وما فعله الوزير من تغيير اتجاهه ذكاء موجع لمخرج المسرحية، وكل المشاركين في الزفة.
قسماً أنكم مثل الطايح من على “…” وانكم خدشتم قيمة ومكانة التعليم لأنكم لا تستحون، قسما أنكم في المشهد الأخير كأنكم تلعبون من وراء الصف، ولا تستحون، تلبسون الشماغ وتضعون فوقها العقال وتحتها العار.
ما اجملكم لو تعاطيتم الواقع بدون “تلميع”؟ ماذا يبتز منكم الألم لو طويتوا عملكم على الصمت؟ ماذا لو تضمن سيناريو المسرحية الصدق مع الله والصدق مع الذات؟
بقي لي ملاحظة عابرة على خطابات الشكر المرسلة من الوزير ففيها تناقض مع حدة الذكاء التي يتمتع بها الوزير التي كشف ابعادها من خلال زيارته لمدرسة ليست في الخطة فهناك الواقع الذي لا يكذب ولا يتجمل.
نعود للعرض المسرحي في جزيرة واق الواق الذي شهد أكبر عرض ابهار، وأسوء تلميع شهدته هذه الجزيرة التي لا تستحي من مبايعة الفساد، ولا تستحي من وضع برواز للمنافقين بفتوى من هيئة كبار المفلسين.
بيت العصيد:
يقول هتلر لوزير إعلامه اعطني اعلاما بلا ضمير اعطيك شعبا بلا وعي، وفي جزيرة واق الواق يقولون تعليم بدون صدق يقدم منتج بلا قيمة.
( بيت العصيد) وما ادرك ما بيت العصيد. المسؤول يحبون الاستقبال الجيد، والكمرات الحديثة. شكرا يا د. صالح