بقلم: إبراهيم العسكري
أعتذر بدايةً فعنوان مقالي يشكل موضوعا بحاله وقد يستشف الذكي أو حتى العادي كل ما نود أن نشير له من خلال العنوان فقد عدلته مرارا لأنى أخشى أن يمسه مقص الرقيب حينما أخذ مني العنوان فقط صفحة كاملة ثم قلصته وقلمته مرارا الى ما استقر إليه رأيي أن يكون كما هو أعلاه وتروكم مقروعين أن تمشونه لي هذه المرة وأن لم تستلطفونه فاجبروا خاطري ودعوه بعنوانه ورمته ..!
أعترف أنني شخصيآ من المبتلين بالإدمان بهذا الجهاز الذي يمكن وصفه بأنه كغيره من الضروريات التي نطلق عليه سلاح ذو حدين..!
شخصيا أعتقد أن الهاتف المحمول سلاح ذو ألف حد وحد سواء الإيجابي أو السلبي فهو متعدد الحدود النافعة وفي نفس الوقت متعدد الشفرات ذات الضرر وتحمل قواطع وخز وقطع مؤلمة وربما قاتلة وبداخله آلاف من طرق وتشعبات الخطر ان لم تكن بالملايين او أكثر ..!
بالأمس تواصلت مع سبعيني تربطني به علاقه أبارك له بقدوم أحد الأحفاد وكنت أظنه مسرورا بمقدم الحفيد وهو كذلك بالفعل مسرور وحزين في نفس الوقت مما ينتظر حفيده وغيره من أجيال التقنية بلا حدود فقد أورد لي جملة حركت مشاعري بتعجب حينما قال الله يحفظ أبناءنا ويصلحهم ويكفيهم الشرور كلها وأهمها شرور هذا الهاتف الذي أتحدث معك بواسطته المحمول معنا دوما !
فقلت له وما معنى الهاتف النقال أو الجوال بالخصوص ..!
قال: بحسرة تقطع القلب والله أنني رأيت من حولي انصرفوا في جل وقتهم بضياع وحرب خفية دامية ودائمة مع ذلك الجهاز اللعين على حد قوله يقصد جهاز الهاتف اليدوي .!
مع محدثي نسينا موضوع فرح اللقاء والتباريك لندخل في نقاش عام وعائم ومؤرق ويضيف بقوله أنه عند مناداتي للكثير من أبناءنا فأنه لا يعطيني بالا كيلا يتقاطع رده لي مع ما بين يديه من الأذية كما قال.!
كلامه أقنعني وصعقني فأنا أيضا أشاهد حولي الكثير المثير للضياع لأبناءنا كما تحدث عنه فأرى في المجالس الرسمية من يصرف ثلاثة أرباع الوقت لذلك الجهاز المسيطر بلا خجل ممن حوله حتى لو كان من والديه او أحدهما .!
ندرك ونستوعب أنه إلى جانب إيجابيات جهاز الجوال من تقنيات متقدمة وعظيمة وفعالة اختصرت لنا الوقت والجهد والخدمة السريعة ولبت كثير من الاحتياجات الحياتية إلا أنه يحمل في طياته جوانب مظلمة لا تُعد تفوق الجانب الايجابي بها آلاف الآهات والمتاهات والطرق المظلمة المدمية بالسلبيات الساقطة والمزعجة والمؤذية التي قد تهوي بالكثير إلى الرذيلة والدنو والسقوط السخيف في أحط حالاته كما لا يخفى على أحد منكم مما رأى وسمع ممن تهوي وتهاوى بهم سواقط هاتفه المحمول لتجرده حتى من انسانيته..!
اسمحو لي فأنا والله أتقزز مثلكم من كثير مما رأيت بشاشته في جوانبه المظلمة حينما رأيت وسمعت كما أظن انها لم تغب عنكم مثلما كدر خواطرنا..!
إلى جانب أضراره التي تعد ولا تحصى فقد فُتحت العديد من العيادات التخصصية في بلدان العالم المتقدمة ومنها الصانعة والموردة لجهاز الجوال المحمول وكذا بلدان العالم النامية التي أوجدت كثير من العيادات خُصِصت لعلاج اطفال قضى ذلك الجهاز المحمول على طفولتهم وبراءتهم وكفاءتهم المعرفية وتأهيلهم لسوق العمل وربما هناك شباب وكبار سن أضنى مضاجعهم وضيق عيشهم ومنهم من أوردهم الهلاك سواءا بابتزاز أو دخول للخصوصيات المؤرقة او احتيالات أو سرقة أموال أو معلومات وقد علمت أن في بلادنا من ينتظر القصاص بسبب نشر خصوصيات أو ابتزاز أو خلافه عن طريق جانب مظلم من جوانبه الخفية المهلكة .!
ارى هنا انني أحتاج صفحات كثيرة لتبيان أضرار الجانب المظلم لجهاز الجوال وأعتقد أن الأجيال القادمة ستلعن الوهن والخور والطيش والتحطم والانحطاط الذي أباح دخول الخصوصيات وتدني كثير من السلوكيات بسبب الهاتف الجوال الذي قتل حتى التفكير والحفظ والفهم كما كانت تتمتع به أجيال سبقت تقنياته والاعتماد عليه في كل شيء كما هو الحال.!
ليس ذلك فقط بل أصبح هناك انفصام وانفصال مجتمعي وحتى أسري بين الحياة الواقعية التي كنا نتمتع بها والحياة التقنية الرقمية الهزيلة القاتلة لكل معاني الوفاء ..!
في النهاية آمل ان لا يأتيني متفلسف ويقول ان من ينكر خدمة الجوال المحمول رجعي فنحن لا ننكر خدمته وعلينا أن نعترف أن الاجهزة المحمولة غيرت واقعنا للأفضل كما اسلفت اعلاه وسهلت الكثير من مناحي الحياة ولكن في ذات الوقت نخرة الانسانية وجردتها من معانيها وعبثت بأغلب المجتمعات وأصبح على كل رب اسرة دق ناقوس الخطر الساحق الصاعد منها..!
يجب علينا وعلى كل عاقل استعادة أنفسنا واسرنا ومجتمعاتنا من الضياع نعم كل الأسر لنعود كما كنا متقاربين مترابطين نعيش أحرارا من قيود هذا المستعبد ان صح التعبير المهلك للطاقة واستدرار واستدراك بناء العقول كقيمة تميز الانسان بما حباه الله من عقل..!
علينا كمسلمين استعادة روابطنا البشرية الاجتماعية الحقيقية والتخفيف من عبئنا الرقمي الذي ينخر اينما حل في مقتل .!
اعزائي الأمر ليس ترفا الأمر جد خطير فقد بدأت المجتمعات المتقدمة تعامله كنوع من الإدمان المُظِر وتعمل على علاجه ونحن كمسلمين احوج لكسب الوقت من غيرنا فضلآ عن كوننا أمة مستهلكة عكس الأمم الأخرى ونحتاج استثمار كل ثانية من وقتنا وكل جهد في سواعد أبنائنا للبناء وليس الهدم وهذا لن يتأتى إلا بالرجوع لطبيعتنا الإنسانية التي جردها واحدث خلل في مجملها وعبث بها هذا الشيء المسمى بالجوال أيما عبث وليت شعري ماهو القادم الادهى والأمر…!!
والله انك صدقت ولكن أصبح إدمان لجميع فئات المجتمع والأعمار