
بقلم الكاتبة:صالحة القحطاني (ابنة الغيم)
تتجلى في رواية “أغنية قادمة من الغيم” لوحة فنية تندمج فيها الألوان الشعرية مع الأجواء الممطرة، حيث تعود بنا على غيمة الذكريات إلى حكايات الأجداد وإلى الأرض التي تجسد كل معاني الانتماء والجذور.
تبدأ الرواية بتاج السر الذي غرس شجرة الليمون في حقل القرية وزرع بذور الثقافة في قلوب أطفالها..
وبعد خروج القارئ من أجواء الحقول الباردة، تخرج له قصة حب خالد ونمارق التي تتفجر كنبع في قلب الجبل ، هنا، نجد صوت الروائي “عبدالعزيز النصافي” العازف الذي ينقلنا إلى عوالم أخرى عبر نغمات فنّه وأغانيه، مدمجًا بينها وبين أصداء الطبيعة، حيث يختلط صوت المطر مع همسات العشب، لتصبح أغانيه ليست مجرد أصوات، بل تفاعلات عاطفية تجعل القلوب ترقص طربًا.
لغة الرواية شاعرية للغاية، حيث تتشابك الكلمات لتشكّل خيوطًا من الحب والأمل، وتفتح لنا أبواب العاطفة المدفونة في أعماق النفس البشرية. كل صفحة فيها تمس وترًا حساسًا، فتجعلنا نعيش قصة الحب بكل جوارحنا وكأننا نراها بأعيننا، أو نسمع أنفاسها تنبض بين السطور.
“أغنية قادمة من الغيم” كأنها همسات العشق المُعطّر من سماء الخيال، تجوب الآفاق لتلامس قلب النهار. تتراقص النغمات في رقّة،كأنها قطرات مطر تنعش الأرض، تحمل معها عبق الذكريات والحكايات التي خطّتها البروق في عيوننا. تتردد أصداء تلك الأغنية في الأفق، تحمل معها أحلامنا التي تُبحر نحو الغد.تذكّرني بأننا كالغيم الرقيق، نحمل في قلوبنا عواصف قد تُمطر شغفًا أو حبًّا.
يا لها من رحلة عاطفية مع كل لحن يعبُر، كأن الأغنية تجمعنا من جديد، تتلاشى الجدران، وتبقى الأرواح مرتبطة بوشائج الحلم الذي لا يموت، ورغم البعد، تجعلني أؤمن بأن الحب هو السماء حيث تتجدد أحلامنا، وتتلاقى القلوب في سحر الموسيقى.
تمتاز الرواية بأنها تأخذنا في رحلة ممطرة بين الزمان والمكان، وتنقلنا من سكون القرى إلى عوالم الحب الشغوف، لتختبر بعمق جميع مستويات القرّاء. إنها ليست فقط رواية، بل هي تجربة غامرة تعيدنا إلى الجمال البدائي والحنين إلى الأزمان الماضية، لتجعل من كلماتها سيمفونية تسكن القلوب وتظل تتردد في ذاكرة العشاق.
“أغنية قادمة من الغيم” تُحفة أدبية تشتعل بالفن والشعر، حيث تحكي لنا أن الحب هو أغنية لا تعرف نهاية، وأن القرية والمطر هما الشاهدان على كل تلك اللحظات الجميلة التي ستظل خالدة عبر الزمن..
عسير صحيفة عسير الإلكترونية