احترام القواعد المرورية… ثقافة ووعي يحمي الأرواح

بقلم/ محمد عمر حسين المرحبي

القيادة ليست مجرد مهارة يكتسبها الإنسان ليستقل مركبته، بل هي مسؤولية كبرى تتعلق بسلامة النفس والآخرين. فالشوارع والطرقات ليست ملكاً خاصاً لأحد، وإنما هي فضاء مشترك يجتمع فيه السائق والمشاة وراكب الدراجة، وكل طرف له حقه الذي يجب أن يُصان.

لقد وُضعت القواعد المرورية لتكون سياجاً يحمي الأرواح وينظم الحركة ويحفظ الممتلكات. فالالتزام بالسرعة المحددة، وربط حزام الأمان، والتوقف عند الإشارة الحمراء، والابتعاد عن استخدام الهاتف أثناء القيادة، كلها إجراءات بسيطة في ظاهرها، لكنها عظيمة الأثر في نتائجها، إذ تحول – بإذن الله – دون وقوع الحوادث وتحمي السائق والآخرين من خسائر جسيمة.

ومن هنا جاءت أنظمة المراقبة الحديثة مثل “ساهر”، التي لم تُنشأ من أجل المخالفة أو العقوبة فحسب، وإنما وُضعت لتحقيق الردع والحماية، وتقويم السلوك المروري، وتقليل معدلات الحوادث. فكاميرات الرصد المروري تذكير دائم بأن حياتك وحياة الآخرين غالية، وأن السرعة أو الاستهتار لا تعني سوى مغامرة غير محسوبة قد تنتهي بكارثة.

وليس خافياً أن بعض السلوكيات السلبية – مثل الاستعراض بالسيارة، أو التسابق في الطرق العامة، أو الانشغال بالهاتف، أو التجاوز الخاطئ – تعد من أبرز مسببات الحوادث. وهي تصرفات لا تدل على شجاعة أو فروسية، بل على تهور يفتقد إلى المسؤولية. فالمسلم مأمور شرعاً بحفظ النفس وصيانتها، والإضرار بالآخرين منافٍ للأخلاق والذوق العام، فضلًا عن كونه مخالفة قانونية تستوجب العقوبة.

ومع اقتراب العام الدراسي الجديد، تزداد الكثافة المرورية عند المدارس والجامعات والطرق الحيوية، مما يضاعف الحاجة إلى الحذر والانتباه والقيادة الهادئة. فمشاهد الازدحام الصباحي أمام المدارس تتطلب وعياً من السائقين وأولياء الأمور، والتزاماً بتعليمات رجال المرور الذين يقومون بدورهم لتنظيم الحركة وضمان سلامة الطلاب. وهنا يأتي دور الأسرة في توعية أبنائها بأهمية النظام المروري، وغرس قيمة احترام الطريق والغير منذ الصغر.

إن الالتزام بقواعد المرور ليس خياراً شخصياً يخص السائق وحده، بل هو واجب وطني وأخلاقي وديني. فهو واجب وطني لأن الوطن بحاجة إلى مجتمع آمن تقل فيه نسب الحوادث والإصابات، وهو واجب أخلاقي لأنه يعكس سلوك الفرد وثقافته، وهو واجب ديني لأن الإسلام دعا إلى حفظ النفس وتحريم التعدي على الآخرين.

فلنجعل من شوارعنا وطرقاتنا بيئة آمنة يسودها الاحترام والانضباط، ولنكن جميعاً شركاء في نشر ثقافة الوعي المروري، امتثالاً لقول النبي ﷺ: “لا ضرر ولا ضرار”. فسلامة الإنسان لا تقدّر بثمن، والحفاظ عليها يبدأ من التزام بسيط قد يغيّر مصير حياة كاملة.

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com