الـ”واتس أب” (WhatsApp) بحسب موسوعة ويكيبيديا التقنية “هو تطبيق تراسل فوري، محتكر، ومتعدد المنصات للهواتف الذكية. ويمكن بالإضافة إلى الرسائل الأساسية للمستخدمين، إرسال الصور، الرسائل الصوتية، الفيديو والوسائط “وهي تقنية تشكل منعطفا جديدا ومهماًّ أسهم في عودة فعل القراءة كفعل تكويني مهم يشكل وعي المجتمع. وهي تفيد من عدة تقنيات؛ فهي تستخدم خصائص التواصل الكتابي الموجودة في الرسائل النصية “SMS” وخصائص الملتوميديا الموجودة في رسائل “mms”، إضافة إلى اتكاء هذه التقنية على قدرات أجهزة الجوال الذكية وما تتيحه شركات الاتصال المتنافسة من قدرات واسعة على استخدام شبكة النت في تدعيم التواصل وفتح روابط المنافذ العالمية والعربية والمحلية الصوتية والصورية، وهذا أعطى لهذا الموقع أهمية كبرى.
ولعلي أؤكد هنا على أن تقنية الـ واتس أب تحديدا قد فتحت آفاقا قرائية كبيرة أمام المستفيدين، ليس على مستوى النخب فحسب بل على مستوى المجتمع بكافة أطيافه الاجتماعية التي بدأت تقضي الساعات الطوال في قراءة لا تخلو من الأهمية والجودة في عمومها، وهذا مؤشر جيد له ما بعده. ولعلي أحاول هنا أن أتتبع في قراءة أولى أهم مظاهر الحالة الأدبية على الـ واتس أب في التالي:
1- يتشكل العنوان (الحالة) في الـ(واتس أب) في بعدين أولهما كتابي والآخر صوري يتم وضعه فيما يسمى بالحالة وهي في واقع الأمر عنوان على المستخدم يتجدد بين فترة وأخرى، وسأركز جل الاهتمام بالطبع هنا على الحالة الكتابية كتمثيل لغوي وبنية جديرة بالنظر لمحاولة تقريها وملاحظة سماتها التكوينية وسأسرد هنا جملة من العناوين المختارة التي سيرى المتلقي أنها تحمل أدبية من نوع ما، ومن أمثلة الحالات الأدبية التي تشكل عناوين مهمة لمساقات التواصل النماذج التالية:
– ثنائية الحب والحياة ظلي (عبدالرحمن سابي)
– إذا رضيت عني كرام عشيرتي فلا زال غضبان علي لئامها.. (الشاعر إبراهيم طالع)
– لا أجيد سوى الاختلاف..! (القاصة: شيمة الشمري)
– السفن أأمن ما تكون في المرفأ لكنها لم تخلق لذلك الشاعر: طاهر جاري
– (جاري) البحث عن أحلام سعيدة (الشاعر عبدالعزيز بخيب)
– **لا تدقق كثيرا فالذين حللوا الألماس وجدوه فحما** (القاص عبدالله العمري)
– ينتابني الظل إذ لا شيء يغمرني،،، سوى المسافة بين العين والعين (الشاعر: محمد إبراهيم يعقوب).
– أتسول الذكرى وأولد من عبارات الحنين على سراب اﻷزمنة (الشاعر: محمد مسملي)
– أنتم حياتي وإن شاهدتكم حضرت: وإن تغيبوا تغيب الروح عن جسدي (القاص: أحمد الصغير)
2- يعمد البعض في الكتابة حتى من الأدباء أنفسهم على اختصارات مخلة وقد أصبحت علامة من علامات الكتابة كاختصار حروف الجر بحرف واحد من ثلاثة: (على) مثلا لتصبح (ع).. إضافة إلى وجود بعض الأخطاء اللغوية مثل حالة تقول: (نروح ونغدو لحاجاتنا وحاجات من عاش (لا تنقظى/تنقضي)، وكحالة أخرى تقول (إشتغل/اشتغل) بما له عليك واترك ما لك عنده). وهي أخطاء لا يعفى الأديب من تبعات خطئها
3- تعمد بعض الحالات الأدبية على مظاهر صورية تشكل (فيسات) تمثل مظهرا يتصل بتعابير وجوه تحتاج إلى توسل قرائي عميق، وهي تنقل رؤى تمثل علامات سيميائية كاشفة للحالات تغني عن تفاصيل كتابية كبيرة من خلال الفيض الصوري بتعبير امبرتو ايكو؛ كحالة الشاعر عبدالهادي صالح (في انتظار الغيوم) وكحالة الشاعر عبدالعزيز بخيت: (جاري) البحث عن أحلام سعيدة)، وكحالة تقول (جهلت عيون الناس ما في داخلي،، فوجدت ربي بالفؤاد بصيرا) .
خروج :
“في زمن التقنية سقطت الخصوصية…”
دان براون
*رئيس قسم اللغة العربية وآدابها-جامعة الملك خالد>