شجرة صغيرة وارفة الظِِلال.. نسيم عليل .. عصفورة مغردة.. وزخات من المطر.. إنها البهجة والانشراح الفطري .العصافير الحرة المنطلقة في سماء الطبيعة البكر تعيش ببساطة لا متناهية .عصافير عسيرية بألوان الطيف تغرد فوق شجر عرعر بائس قد داهمها “بلدوزرات ومناشير” الإنسان والتمدن ! لكنه بقي رمزاً للتفيّء والتنزه العائلي . وإذا حضر الوجه الحسَن أشرقت شمس بهجتك ذلك اليوم لتجعل يومك مبهجاً وكلامتك مرتبة وقناعتك ترنو للقليل. شرط أن تنظر لها نظرة متذوق لا نظرة خاطفة .
إنها عصافير الهناء الآسرة ، والسعادة المثلى ، والعيش الهنيء ذلك الكنز الذي يبحث عنه الكثير بلا خريطة.. فقط إيمان بحياة بسيطة مطمئنة بلا منغصات! وحين يهمي المطر تهتز القلوب طرباً وشوقاً لغائبٍ فقدناه ، تزدان الحياة بجمالها لاستقباله ، جمال فطري لم يصبه مساحيق وألوان صناعية .. تتفتح البراعم ومعها تتفتح أحلامنا الحلوة ومداركنا المأسورة خلف قضبان المادة !
العصافير والشجر والمطر تجعلنا نفكر قليلاً في “آية الحياة” الحلوة بلا تعقيدات ومطبات .. حياة جميلة لمن أتقن فن التعامل معها ببساطة . لكنه يبقى فن السهل الممتنع . فمن الصعب ترك معيشتنا والانسلاخ منها إلا إذا توفرت الشروط جميعها . عيشتنا الآن قاسية من الناحية النفسية لكن من الناحية الجسدية تحتل أجسادنا التخمة المفرطة ومعها كثر الخبث والأوبئة .. وطغى على تفكيرنا شيئاً من اللوثة في إدمان الحياة الدنيا والغلو المادي وضاقت القلوب وانتشرت بعض الجهالات ! تحول البعض إلى ماديين بشراهة .. عيشتنا تبدو مفزعة قلقة لا هدوء ولا راحة ولا رياضة تخسس من تضاريس أجسامنا المُبالـَغ فيها . ولا نفوس رطبة طيبة منشرحة !
نفكر ـ مثلاً ـ في ميزانية كل عام وما تحمله من خير ، ربما أتت بجديد يبعث السرور في النفوس وليس كما يعتقد الكثير أنها أرقام على ورق كما تقول أرض الواقع..! نفكر بنهم في أمور كثيرة متعبة مما يستدعي حضور هادمي الصحة “الضغط والسكر”عيشتنا فيها مطبات وحفر وعقبات طالما أتعبتنا وأشقتنا حتى جثم الوسواس الخناس على تفكير البعض فأصبحوا يهذون بهمس. ليست كعِيشة هذا المخلوق الصغير الجميل.. العصافير تغدو خماصا وتروح بطانا ” الله يسقي البلاد”
>