مشكلة القارئ الذي لا يقرأ، أو لا يحسن القراءة، أنّه لا هدف له سوى أن يقول عنه الآخرون: إنه قارئ، لكنه – منذ تكوين عقله – لا يقرأ، ولذا فإنه لا يستطيع أن يستوعب مما يقرأ سوى القشرة؛ لأن خلايا “مخه” باتت غير قادرة على إدراك وجود “لب”.
القارئ الذي لا يقرأ، يفهم مما يطالعه ما يستطيعه وحسب، وذلك قدره وجهده، وليست هنا مشكلة؛ المشكلة أنه يبني على فهمه أحكاما ومواقف، وليته يفعل ذلك صامتا، لكنه يذهب إلى ما هو أبعد من جنايته على نفسه، فيعمم فهمه وينشره بوصفه الحقيقة التي لا يأتيها الباطل من أي جهة.
الذي يقرأ وهو لا يقرأ، لا يستوعب مما تقع عليه عيناه، إلا ما تمكنه منه قراءاته البسيطة في الصحف و”التغريدات”، وهي – في الغالب – كتابات موجهة أو محوّرة أو منقولة أو مبتسرة، وليست مما ينضج العقل، أو “يمنهج” طريقة التفكير، أو يساعد على التلقي الواعي، ولذا تصبح أحكام القارئ الذي لا يقرأ مدعاة للشفقة عليه؛ ذلك أنه يضع نفسه في “مواقف باااايخة” – كما يقول عادل إمام – وليس عيبا أن تتفاوت قدرات الناس واهتماماتهم، لكن العيب كله أن يدعي إنسان ما لا يحسن، ويحكم على مالم يفهم، فيغرّر ويبْهت و”يكذب”، وهو لا يعلم أنه يكذب ويتجنى.
القارئ الذي لا يقرأ، يبني أحكامه على “النمطيّ” الشعبيّ الموجود في الذهن العام؛ بمعنى أنّه – ودون أن يشعر – يكرس السطحية، ويسير مع التيار، ولا عيب في أن يكون الإنسان “مع الخيل يا شقرا”، وإنما العيب بمواصفاته كاملة، أن يدّعي أنه “نخبة”، و”مفكر”، و “مثقف”، وهو لا يعدو أن يكون “درويشا” يرتدي عباءة “الفاهم”.
من مواصفات القارئ الذي لا يقرأ، أنه يكتب عن قضايا كبيرة جدا، ويعلق على مقالات تخصصية، أو أبحاث علمية، وهو يختلف مع رأي كاتبيها دائما، ويمارس النقمة عليهم، ويتهمهم بالتهم الدارجة القائمة على التصنيف، “يعني إني” كما يقال، بيد أن تعليقاته تأتي محشوة بالأخطاء الإملائية والنحوية، إلى الحد الذي يجعل المتابع يقول: “وش حشَر هذا في هذي”؟
القارئ الذي لا يقرأ، دعي، متسلق، أضاع ذاته في مكان، وذهب يبحث عنها في مكان آخر!
الرسالة التي أردت طباعتها محمية بموجب “إدارة حقوق المعلومات”. لم يقم المرسل بمنحك الحقوق الضرورية لطباعة الرسالة.
>
شاهد أيضاً
أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري
صحيفة عسير – مها القحطاني : استقبل صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن …