ونحن نتدارس معلقة عنترة أو زهير، أمرّ أنا وطلابي على الكثير من الصور الفنية، لكننا لا نعثر في تلك النصوص الجاهلية على صورةٍ غير حسّية، ولذا أكرر لهم القول: “وهي صورة حسية كغيرها من الصور الشائعة في الشعر الجاهلي”.
والحق أن الإنسان يتفاعل بحواسه المختلفة مع الموجودات، سواءً أكانت حسيّة أم معنويّة، ويوجِدُ بخياله علاقاتٍ خاصة بين الأشياء تعتمد على تفاعلاتٍ جديدة نابعة من قدرة الإنسان على الربط بين المتشابهات أو المتناظرات، لكنه لا يتجاوز المحسوس إلى غيره حين يقصر به الخيال.
وقد كثر الحديث عن الخيال ومفهومه ووظائفه؛ وذلك ناجم عن الدهشة التي تتملك الإنسان أمام الفن القولي الذي يتكئ على الخيال بوصفه ملكة وأداة، ولذا عزا العرب الملكة الشعريّة إلى قوى وهمية خارجة عن إطار الفعل الفني كالجن والشياطين، كما أفاضت المذاهب الفلسفية والنفسية في الحديث عن الخيال والفروق بينه وبين التوهم، لكن النقاد العرب القدماء لم يهتموا كثيراً بالجانب النفسي في الخيال، ولم يكن الخيال الخلاق مهما بالنسبة إليهم، لأنه لم يكن موجودا فيما بين أيديهم من الفن، ولذا أخضعوه لقوة العقل بإصرارهم على الصنعة الشكلية في الشعر، ولم يزيدوا على الاهتمام بالأشكال البلاغية للصورة من: التشبيه والاستعارة والمجاز، فيما ركَّزت الدراسات الأدبية النظرية الحديثة على مفهوم الصورة قديماً وحديثاً في الوقت الذي اتجهت فيه الدراسات التطبيقيّة إلى مصادر الصور، وأنواعها البلاغية، ووظائفها الفنية.
وأدى اهتمام القدماء بالصورة البلاغية، إلى الوقوف على جزئيّاتٍ يسيرة في الصورة تعتمد على فرعين رئيسين هما: المشبّه والمشبّه به، ثم تتفرّع الأنواع تبعاً لأسلوب الربط بينهما، أما الدراسات الحديثة فقد اهتمت بالصورة الفنية الكاملة التي صارت “مشهداً يستوعب عدّة أطراف وعدة علاقات وعدة أنواع من الصور الجزئية أو البلاغية القديمة”.
الشاهد في هذا، أن حسية الصورة في الشعر العربي القديم، تجعل منه مصدرا مهما من مصادر دراسة الحياة في جوانبها المختلفة، على الرغم من أن الصورة المشهديّة الشعريّة الواسعة هي التي تحقق للباحث مراده الحياتي الاجتماعي، أما البنية الشعريّة التي تعتمد على نظام البيت المفرد، فقد لا تحقق رَبْطاً دقيقاً للمَشاهد بما يكوّن قصيدةً محكمة النسج من الناحية التصويريّة، مما يجعل من المحتم الخضوع لهذا الواقع، وعدم تحميل الأبيات المفردة والتشبيهات المتناثرة أكثر مما تحتمل، ولذا فإنّ الإفادة من الصورة من حيث مصادرها المحسوسة لا تتجاوز طبيعتها الحسيّة إلى رمزٍ يتجاوز تلك الحقبة، ويخرج الدراسة من أطرها النفعية، فالاهتمام منصب على عرض الصورة في وجودها المحيط ليحمل العمل شيئاً يتعلق بالإنسان، ولا يأخذه عن بساطته التي هي أهم ميزاته.
والحق أن الإنسان يتفاعل بحواسه المختلفة مع الموجودات، سواءً أكانت حسيّة أم معنويّة، ويوجِدُ بخياله علاقاتٍ خاصة بين الأشياء تعتمد على تفاعلاتٍ جديدة نابعة من قدرة الإنسان على الربط بين المتشابهات أو المتناظرات، لكنه لا يتجاوز المحسوس إلى غيره حين يقصر به الخيال.
وقد كثر الحديث عن الخيال ومفهومه ووظائفه؛ وذلك ناجم عن الدهشة التي تتملك الإنسان أمام الفن القولي الذي يتكئ على الخيال بوصفه ملكة وأداة، ولذا عزا العرب الملكة الشعريّة إلى قوى وهمية خارجة عن إطار الفعل الفني كالجن والشياطين، كما أفاضت المذاهب الفلسفية والنفسية في الحديث عن الخيال والفروق بينه وبين التوهم، لكن النقاد العرب القدماء لم يهتموا كثيراً بالجانب النفسي في الخيال، ولم يكن الخيال الخلاق مهما بالنسبة إليهم، لأنه لم يكن موجودا فيما بين أيديهم من الفن، ولذا أخضعوه لقوة العقل بإصرارهم على الصنعة الشكلية في الشعر، ولم يزيدوا على الاهتمام بالأشكال البلاغية للصورة من: التشبيه والاستعارة والمجاز، فيما ركَّزت الدراسات الأدبية النظرية الحديثة على مفهوم الصورة قديماً وحديثاً في الوقت الذي اتجهت فيه الدراسات التطبيقيّة إلى مصادر الصور، وأنواعها البلاغية، ووظائفها الفنية.
وأدى اهتمام القدماء بالصورة البلاغية، إلى الوقوف على جزئيّاتٍ يسيرة في الصورة تعتمد على فرعين رئيسين هما: المشبّه والمشبّه به، ثم تتفرّع الأنواع تبعاً لأسلوب الربط بينهما، أما الدراسات الحديثة فقد اهتمت بالصورة الفنية الكاملة التي صارت “مشهداً يستوعب عدّة أطراف وعدة علاقات وعدة أنواع من الصور الجزئية أو البلاغية القديمة”.
الشاهد في هذا، أن حسية الصورة في الشعر العربي القديم، تجعل منه مصدرا مهما من مصادر دراسة الحياة في جوانبها المختلفة، على الرغم من أن الصورة المشهديّة الشعريّة الواسعة هي التي تحقق للباحث مراده الحياتي الاجتماعي، أما البنية الشعريّة التي تعتمد على نظام البيت المفرد، فقد لا تحقق رَبْطاً دقيقاً للمَشاهد بما يكوّن قصيدةً محكمة النسج من الناحية التصويريّة، مما يجعل من المحتم الخضوع لهذا الواقع، وعدم تحميل الأبيات المفردة والتشبيهات المتناثرة أكثر مما تحتمل، ولذا فإنّ الإفادة من الصورة من حيث مصادرها المحسوسة لا تتجاوز طبيعتها الحسيّة إلى رمزٍ يتجاوز تلك الحقبة، ويخرج الدراسة من أطرها النفعية، فالاهتمام منصب على عرض الصورة في وجودها المحيط ليحمل العمل شيئاً يتعلق بالإنسان، ولا يأخذه عن بساطته التي هي أهم ميزاته.
>