(( ما زالت كليتنا العزيزة مصرة على التوقف وعدم العودة إلى العمل بحجة أنها عملت بكل جد وإخلاص ونشاط ، وبدون كلل أو ملل .. وعلى مدى 68 عاماً .. ومع ذلك لم يكلف صاحبها نفسه ويرعاها ويهتم بها – ولهذا جاء قرارها الصارم وعلى حين غفلة بأنها ستتوقف عن العمل .. ومع أنني أختلف معها في هذا القرار القاسي .. إلا أن الاختلاف لن يجدي نفعا معها.. ويظل درس قاس لمن يُهمل العناية بالمخلصين من أعضاء جسمه ..
عموماً .. لم يبقى لدينا إلا النزول عند قرارها والمسارعة برد ولو جزء بسيط من جميلها وذلك عن طريق غسيلها وتخليصها من السموم التي عانت منها وأنهكتها حتى أوشكت على التوقف وبالتالي عودة روح صاحبها إلى بارئها سبحانه وتعالى
بدأنا وعلى بركة الله برنامج الغسيل الدموي بتاريخ 28/07/1433هـ في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض .. وحتى يهيئ الله لنا كلية مناسبة من أحد المتبرعين من قريب أو غريب ..
ولذلك فإنني أرجوكم أن تتعهدوا كلالكم وقلوبكم وأكبادكم وكل أعضاءكم .. وتعتنوا بها قبل أن تتخذ تلك الأعضاء أو بعضها لا سمح الله .. القرار الصعب في الوقت الصعب ونسأل الله الشفاء لكل مريض – ولا تنسونا من صالح دعاءكم )) .
الرسالة السابقة كنت بعثتها من على سرير المرض .. بواسطة الهاتف الجوال لبعض الأحبة والأصدقاء وأعيدها هنا مع بعض التصرف لتتناسب مع أهداف المقال ..
ومناسبة هذا المقال أنني ومنذ بداية شهر ربيع الثاني لهذا العام 1433 هـ كنت أتألم من ركبتي اليمنى ومع ذلك لم أكلف نفسي واعرض ركبتي على طبيب مختص .. وتركتها طوال هذه المدة تحت رحمة طبيب عام من الأخوة العرب يعمل في أحد المستوصفات الأهلية بمدينة أبها – والذي أجتهد وبالغ في اجتهاده ومن باب العناية الشديدة أخضعني لسلسلة طويلة من الفحوصات والتحاليل والأشعة – لها أول وليس لها أخر ..
ووصف لنا أشكال وألوان من الأدوية وخصوصاً المسكنات والمضادات الحيوية وفي مقدمة قائمة الأدوية حبوب الفولتارين ( وكله بثمنه – والحسابة بتحسب ) ولمن لا يعرف فإن هذه الحبوب تقوم بمهمتين في آن واحد – فهي مسكنة للألم ويشعر المريض بعد تناولها بالراحة والتحسن والرغبة في الاستمرار في تناولها مع كيل الثناء للطبيب الذي وصف له تلك الحبوب ..
والمهمة الأخرى لتلك الحبوب .. أنها تقوم وللأسف بتدمير كلى من يسرف في تناولها ودون أن يشعر بأي أعراض ..
بالنسبة لي كنت عرضة لبعض العوارض الصحية ( سكر – ضغط – التهاب في البروستات – احتباس متكرر في البول ولمدد طويلة ) .. وكل هذه العوارض ساهمت في التهاب الكلى وبالتالي فشلها .. والغريب في الأمر أنني لم أشعر بأي أعراض على الإطلاق .. هذا إذا استثنينا الآلام المبرحة من احتباس البول المتكرر والتي يعجز عن تحملها شاب صحيح ومعافى وفي مقتبل العمر .. فكيف الحال مع ( مسـن ) في خريف العمر مثلي ..
راجعت الكثير من المستشفيات الحكومية والخاصة وكانت التجربة مرة وقاسية وكنت بين نارين – نار الاستهتار والإهمال وعدم العناية وعدم كفاءة الأطباء والممرضين والممرضات من الوافدين وكذلك عدم توفر سرير .. سواء في منطقة عسير أو في مدينة الرياض .. أو نار المستشفيات الخاصة والذين يستغلون المريض استغلالاً فاحشاً وجشعاً ضاربين عرض الحائط بأي عوامل إنسانية .. معتمدين على عدم الرقابة من الجهات المختصة من جهة ومن جهة أخرى الاعتماد على نخبة من الأطباء المتميزين من السعوديين والذين يتركون وللأسف أعمالهم في الحكومة ومع ذلك يتقاضون رواتبهم بالتمام والكمال من المستشفيات الحكومية التي يعملون بها .. ورغم ذلك يقضون جل وقتهم في المستشفيات الخاصة.. وقاتل الله الطمع والجشع ..
المهم في الأمر أن الأطباء الذين أشرفوا على حالتي .. استطاعوا وبفضل من الله السيطرة على السكر وعلى الضغط وعلى الركبة وتم إجراء عملية ناجحة للبروستات ، أما الكلى فإنهم عجزوا رغم استخدامهم كل الوسائل العلاجية الممكنة ولم يألون جهداً في سبيل ذلك ولكن النتائج كانت مخيبة للآمال .. ولم يبقى أمامنا إلا الطريق الصعب .. وهو الغسيل الدموي .. والذي اقتنعت به رغم وجود نوع أخر من أنواع الغسيل وهو ( البريتوني ) والذي لم أقتنع به ..
ذهبت على الكرسي المتحرك إلى قسم غسيل الكلى في مستشفى الملك فيصل التخصصي .. بعد أن خضعت لسلسلة طويلة من الفحوصات والتحاليل والأشعة وغيرها .. وبكل أمانة أقول أنه لم يكن لدي أي فكرة عن هذا الغسيل وكما يقول المثل ( الإنسان عدو ما يجهل ) .. وأنا وبكل أمانة كنت مثالاً حياً للجهل في معظم الأمور الطبية ..
ولكني وبعد التجربة كنت في غاية السعادة وعندما تكرر الغسيل مراراً أحببت هذه الآلة العجيبة ( الكلية الصناعية ) والتي ساعدتني على التخلص من السموم وآثارها والتي قد تؤدي إلى الوفاة .. وأصبحت ولله الحمد أشعر بالراحة وتخلصت من الكثير من المشاكل والتي كنت أعاني منها .. وقد يقول قائل أن المسارعة في زراعة كلية من متبرع هو الحل الأمثل .. ولكني أقول بأن الاستمرار في الغسيل هو حل آخر وليس له أي سلبيات أو مضاعفات على الإنسان كما قيل لي .. في المستقبل القريب أو البعيد ..
وبهذه المناسبة أقول أن مخترع الكلية الصناعية البروفسور الهولندي ويليام كولف قدم للإنسانية خدمة جليلة لأنه باختراعه هذه الآلة العجيبة أنقذ حياة ملايين البشر وأنا أحدهم .
وختاماً وبهذه المناسبة فإني أتمنى على كل مقتدر المساهمة والتبرع بالأجهزة والمواد لأن هذا التبرع دون شك سيساهم في إنقاذ حياة الكثير من البشر .. وفي نفس الوقت فيه تخفيف من العبء على الدولة والتي تنفق أموالاً طائلة على مرضى الكلى – وللمعلومية فإن الغسل الكلوي يكلف حوالي سبعة آلاف ريال شهريا للمريض الواحد .. وأسال الله سبحانه وتعالى الشفاء لكل مريض إنه ولي ذلك والقادر عليه.
>