في السابق من الأعوام ، كان الناس يبحثون عن أشخاص يخدمونهم في معاملات حكومية ، أو خدمات عامة
وهي ماتسمّى بيننا بـ(الواسطة) ، وكان أحدهم لايلجأ لهذه الخطوة إلا عند وصول حاجته إلى طريق مغلق .
أما حالنا اليوم ــ وللأسف والله ــ فالطبيعي هو أن تبحث عن واسطة قبل شروعك في أي جزء من حياتك ، وللحصول
على حقوقك وحقوق أسرتك تعليمياً وصحياً ووظيفياً ، بل أصبحت الواسطة درجات ومعايير مختلفة ومتعددة .
ولا أجد نفسي مبالغاً إن قلت لك :
* أن القبول للدراسة بالجامعة ، وفترات التدريب والتأهيل ، وبعدها البحث عن وظيفة مناسبة ، ومن ثم الحصول
عليها وفي موقع يحقق للإنسان أدنى درجات الاستقرار ودرجات عالية من الطموح والعطاء ،
كل هذه المسيرة ، بما فيها من خطوات ، لن تمر إلا عن طريق عشرات النقاط من (الواسطة) .
* لن تتوقف معاناتك هنا ، فمريضك التي تريد تشخيص حالته ، والاستماع إلى طبيبه الذي أشرف عليه ، ثم البداية
في مرحلة علاجه ومتابعة ذلك كله ، ستجد نفسك مضطراً ــ من جديد ــ للبحث عن واسطة تساعدك في تجاوز هذه
المراحل ، وهذا يحدث سواءً في مستشفىً حكومي أو خاص ،
حنى التقرير الطبي للمريض أو مرافقه ، لن تحصل عليه في الوقت المناسب ، وبإجراء بسيط ، إلا بـ(واسطة).
* معاملاتك الروتينية ــ السكنية والزراعية والخدمية وغيرها ــ في مختلف الجهات ، لن تسأل أحداً عن تسلسل المعاملة
روتينياً ، ولن تسأل عن طلباتها ، بل سؤالك المباشر هو : من الذي ستكون عنده المعاملة ؟؟
هذا الحال الذي بلغناه ، وكل الناس أصبحوا يعيشونه في كل مكان ، وله من التأثير السلبي مالانحصيه في مقال .
ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو : مالذي أوصلنا إلى هذا الوضع ؟>