في منطقة عسير كما في غيرها من مناطق بلدنا الحبيب، نشاهد شباباً أقاموا لهم على جنبات الطرق «بسطات بسيطة» يبيعون من خلالها «شاي الجمر»، وبعضهم يبيع «الخضراوات والفواكه»، ونشاهد -كذلك- نساء بعضهنّ كبيرات في السن يبعن «الخبز المصنوع في منازلهنّ وبعض الأكلات الشعبية»، جميعهم «شباباً ونساء» يعملون من أجل أن يعيشوا، ليوفّروا متطلبات حياتهم، ليدفعوا أجور منازلهم، ليلبوا طلبات أبنائهم في المدارس، ليعوضوا حاجتهم للعمل حين تأخر فرص توظيفهم، أو صعوبة الحصول على وظائف، وكثير من النساء أعرف منهنّ ما يقاسينه من ظروف حياتية، أكتشف من كلامهنّ أن الدهر لم يرحمهنّ حين عضّهنّ بأنيابه، فمنهنّ من أخبرتني بوفاة عائلها الوحيد ولديها كوم من الأطفال، ومن طُلق بناتها، ومن تساعد أسرتها في توفير إيجار المنزل لعدم امتلاكهم منزلاً يؤويهم، ومن لم يوفق أولادها في التوظيف، ومن الشباب الذي مارس بيع الشاي وبعض الوجبات والفواكه والخضار في الطرق، من يحمل شهادة جامعية، أو تعثر في مواصلة دراسته (جميعهم لم يدفعهم إلى الجلوس لساعات طوال تحت أشعة الشمس، ووسط أجواء متقلبة، وفي مواقع قد تبعد عن منازلهم مسافات بعيدة لملاحقة مواقع البيع، وأماكن كثافة الناس، خاصة في مدن السياحة في مواسم الصيف، إلا «لتوفير حياة كريمة، لعدم اللجوء للتسول أو البقاء عالة على أقاربهم ومجتمعهم»، خاصة أن أنظمة الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية قد تعيق بعضهم في الحصول على مساعدات، وتلك المعونات لا تعدّ حلاً قاطعاً لحاجتهم ومشكلاتهم على الدوام، بما في ذلك حافز؛ فلا يعدّ رغم ما يقدمه كدعم حلاً ناجحاً، علاوة على ما يجدونه من أساليب لمنعهم من البيع في الطرق من موظفي البلديات بسبب الأنظمة)، هؤلاء يحتاجون إلى يد حانية لمساعدتهم، بمعنى لماذا «لا تصمم لهم غرف إسمنتية أو خشبية في الأماكن الحالية التي اختاروها للبيع، المواقع الصالحة للبيع طيلة العام، وتقدم لهم وهي لا تكلف شيئاً كثيراً، وتكون بمثابة الدعم لهم، وتشجيعهم على ممارسة عملهم الشريف، ولدعم اقتصادهم البسيط، في توفير متطلبات حياتهم؟ آمل.. في أن تبدأ الجهات المعنية العمل في تنفيذ الفكرة ولاتخضعها للدراسة الطويلة فهي لاتحتاج لها وترجمة الفكرة لتحقيق أمل أصحاب البسطات البسيطة ليعيشوا والفكرة بسيطة جداً.
>