أعدكم بعدم العودة إلى هذا النقاش مرة أخرى، وستكون هذه الأسطر الأخيرة والكافية، لكن حين تنفجر التأويلات، وتتبادل الشكوك، ويحاول من هو معني بالاتهام أو بعيد عنه زرع حسن النوايا في أسطر لا تقبل، لأنه أسهم في التعبئة والاحتقان بطريقة أو بأخرى، فذاك ما لا يمكن قبوله، ولا يحتاج إلى أسطر توضيح شفافة.
كتبت الخميس الفائت عن جامعة الإمام، وأسئلتها المحتقنة تجاه أهل الجنوب، وسَمِعتكم، لكني لم أسمع ولو همسة مجاملة من جامعتنا، لتبرر وتشرح موقفها، وللحق فكثير من المجروحين من مضمون الأسئلة فهموا واقتنعوا أن الإهمال والسكوت بمثابة رضا واقتناع كلي بالمحتوى والتفاصيل المتشعبة الحادة.
تناولت أيضاً قاضي محكمة هاجم محافظة بأكملها بتوافر البدع والمحدثات في العقيدة وغيرها، هجومه انكشف قريباً، ومؤرخ قبل عشرة أعوام فقط، ولست بصدد البيان التاريخي وسرد الحقائق عن المكان وحضوره الديني، إنما ازددت استياءً، حين قدم اعتذاراً هاتفياً لأهل محافظة «رجال ألمع»، وحين وجه استجداءه لوزيره، تشجّع ومرّن قلمه وأصابعه كتابياً، موجهاً التهم بشمولية لم أفهمها، ولم استطع استيعابها، وما زلت لهذه اللحظة متأملاً لتفضله بشرح تبريراته التي يراها مقبولة، لنعرف منه ومن بعده، لماذا كانت محافظة رجال ألمع الحلقة الأضعف والابتلاء الوحيد على ما أظن في مسيرة الشيخ؟
اعتبر فضيلة القاضي أن فَهْمَ محتوى الاستجداء كان خاطئاً ومتسرعاً ومنفعلاً، وأن ما كتبه مستند على ما نقل له، وهي محاولة مخجلة – إن حدثت – اعتاد أن يتخذها من يرى الدين فرصة للتسلق والتقرب والنفاق، ويمرر مصالحه ورغباته، ولو على حساب أهله وأرضه، ما نحتاجه من القاضي تعرية الأسماء التي دفعت به لمزلق الاتهامات المتسرعة المنفعلة، ليكتشف المتهمون من هم أبناؤهم الذين يؤدون دور الكذب والتضليل معه ومع غيره، ولكي لا يضع الصادقين والمخلصين في زوايا ضيقة ومربعات حرجة.
اعترف لقاضينا أن الشكوك بدأت تسري داخلي، وأن ما نقل له لعبة متقنة، نفذها من هم عالة على جغرافيا المكان، جبناء في المواجهة، وعشاق قدماء للخطط السرية، واحتواء القادمين من المسؤولين ورجال الدين، كل بالطريقة المناسبة، منطلقين من إيمانهم المطلق بأن اللحى تثق في اللحى.
يتوقع الألمعيون اعتذاراً كتابياً كما كان الاستجداء التلقيني كتابياً، لئلا يتجرأ قاضٍ آخر في أية مساحة جغرافية مشابهة بالذهاب إلى خانات ليست ممتلئة منها، ومن دون مستندات ثابتة قطعية سوى الجملة الأشهر، «نقلاً عن فلان، وهو ثقة» وإن تعذر ذلك فليعتبر نفسه ضيفاً على المحافظة، ليشرح ما ضاقت به الصدور، كي نصدق مرارة أن ثمة من دفع به لأسطر الاتهام القاسية، ونتقبل ونتحمس لتبييض نيته، منتظرين تعريته لمن ورطوه وشوهوا المكان، بينما ستبقى علامات التعجب متورمة أمام جملة «ابتلائه بتعيينه قاضياً هناك»، وهي الجملة التي يستحيل أن استوعب تعبئته بها، ففي هذه الحال يصبح القاضي – بلغة العقل – آلة تسجيل، وأداة تفريغ في آن واحد.
alialqassmi@hotmail.com
@alialqassmi
>