كشف التقرير التجميعي الذي يعده المركز الخليجي لتسجيل السرطان عن معدلات إصابة بالمرض في دول مجلس التعاون اقتربت من 70000 حالة ،حصدت منها السعودية على النصيب الأعلى لمعدل الإصابة إذا ما تعاملنا مع الرقم على انفراد ، وتراجعت للترتيب الثاني إذا ما أخِذَ المتوسط الحسابي بالنظر لعدد السكان . الحقيقة صابون القلوب كما يقال وهي تبوح بعجزنا عن إعداد دراسة جادة وبحث جريء لوضع مسببات المرض -ولو المبدئية منها -على طاولة التشريح والحذر وبث الحماس على الكشف المبكر، نشاطنا الجاد الظاهر في العلاج حين نُفْجَع بالمرض ملحوظ ومشاهد ونزيفنا المالي الذي يُصْرَف لمراحل العلاج الطويلة معلوم ، قد تقلصه رؤية واضحة عن السبب في ظل ازدواجية الآراء الاجتماعية وقراءتها الخاطئة المتسرعة لمسببات المرض مما يخيف ويقلق ويحفز للتحامل والتحدي والهروب من اكتشاف المرض سريعا والسرعة في الاكتشاف هي من يرفع العامل النفسي من حالة الهبوط المفاجئة طمعا في الشفاء المبكر قبل أن تتوسع رقعة المرض ويتوقف الحماس للعلاج لتزايد مساحة الكابوس.لماذا لا تتوجه وتتوحد الجهود لمسح ميداني ومعاينة جغرافية لبحث المعدلات المرتفعة وكشف أسبابها والعلاقة التي تجعل الأرقام مرتفعة هنا وضئيلة هناك ؟. يدفعني لنبش زاوية السبب في المرض والتحمس لها التصريحات المجانية المتناقضة التي يتبرع بها جزء من مجتمعي لتحليل ابتدائية المرض فأحدهم يرى أن الحروب والتلوث ومخلفاته أسباب أساسية للنمو والازدياد ، وآخر متحمس يرى مخلفات حرب الخليج ، وثالث يعتقد أن المعدلات تتزايد للغازات المنبعثة من مصانع النفط ، كل هذه الرؤى ستصيب بالهوس والجنون والخوف المبكر والهروب من أي كشف والبعد عن كل ما يقترب من السبب زمانا ومكانا حتى لا يقتل الإنسان المتفائل وسواس المرض . اسكن مدينة حالمة في الركن الجنوبي الغربي بعيدا عن الحرب والتلوث والغازات ومصانع النفط ، وأعرف كثيرا من الذين جمعتني بهم جغرافيا الجبل والطين ، غادروا الحياة بسبب هذا المرض وغيرهم بقي لاكتشافهم – “بالصدفة والخوف”- البذور مبكرا ليبدؤوا ويوصلوا العلاج بحماس واجتهاد ، مما يجبر عقلي على أن لا يقبل واحدا من الرؤى الثلاثية السابقة والتفكير بحيادية ومجددا .الأمر الغائب عن الذهن “كمتناقض رابع” وأطرحه كرأي شخصي قابل للنقاش والحوار بين رجال الدين وأهل الطب هو” انتشار الحسد والسحر والعين” ولن أغلب هذا الجانب إلا بعد ما يؤول له جهد بحثي ودراسة مستقلة يُعَد لها انطلاقا من مكان الاستقرار والظروف المعيشية للمريض لنعرف أين يوجد المركز الأعلى في نمو المعدل على امتداد الخريطة الوطنية وأين هو المكان الأقل نموا ؟ ومن ثم نكشف هل كانت تصريحات مجتمعي محقة فنبدأ في العلاج خطوة بخطوة أم أن طرحي البسيط الجري المتواضع في محله وكان نائما عن النقاش لإيماننا بأن المرض ابتلاء. اشعر بحاسة سادسة تخبرني أن السبب قريب ويمكن حله ، وهو وراء 11000 إصابة سنوية بالمرض في بلدي يقابلها قلة عدد أسرة في مستشفياتنا للكشف العاجل وحصر – باجتهاد – لبوصلة العلاج في المركز وإجبار أهل الإطراف على مشاق السفر والتعب والوساطات والشفاعات من أجل علاج . وبتهميش الفائت من هدر الكلام لنتعب قليلا في مسح مكاني وجغرافي ودراسة جادة ونعرف الناتج الصريح لمعدلات النمو فنقنع من يرى ضرورة نقل مراكز العلاج للأطراف ونؤمن حينها بجدوى ثباتها قناعة في معدل النمو ويتكشف معها الأسباب بالتدريج !!
>