أحاول في صباح يومي الدراسي الجديد أن أحب المدرسة، وأن أتفاعل معها، أعدكم بأنني لن أرمي بحقيبتي فور خروجي في أقرب زاوية من منزلي، أعدكم بأن أحاول أن ابذل جهداً مضاعفاً بدءاً من اليوم، وارسم ملامح فاخرة لمستقبلي، أعدكم – ثالثة- أن أنام لها مبكراً واستيقظ مبكراً حتى أتجنب حالات النوم الصباحية، وحصص التثاؤب، وخطط الهروب والقفز من على سورها المهشم واستغلال لحظات انشغال الحارس.
أحلم أن أجد متعة كبرى تدفعني لانتظار صباح يوم غد، متعة تقاوم الوقت الذي أشعر أنه يمضي سريعاً للحاق بيوم جديد متعب، أود أن يرتفع بي النقاش مع زملائي من دوائر الفوضى والاضطراب والمشاغبة إلى ميادين البحث والجدية والانضباط، أود أن أعشق ساعات يوم الجمعة عشقاً جنونياً يتجاوز ذوباني في الدقيقة الواحدة من اليوم العزيز جداً جداً «يوم الأربعاء».
أودع من اليوم النوم والشارع والتلفاز والمقهى وساعات الانترنت ومتعة السمر والسهر «بثلث الليل الأخير»، أفارق السفر والأسواق ومواصلة الليل بالنهار، التقي باستيقاظ الصباح والانتباه لتحركات الساعة، وزملائي الكسالى، وأولئك المجتهدين، أطالع وجوه المعلمين التي لا أحبها، أتعلم فضيلة الصبر على إزعاج أبي ونداءات أمي، أواجه الأوراق والواجبات والأنشطة اللامنهجية المملة وضياع الكتب والدفاتر، أتحمل الشتائم والصدامات والعقوبات والحقيبة الثقيلة وخروج المعلمين عن المنهج، والمنهج المكرر، ولعنة الحفظ والتلقين التي تطالعنا منذ اليوم وجمل «لديكم واجب، غداً اختبار، الأسبوع القادم مراجعة».
سأحاول – من اليوم – أن أنسى بأني احبس نفسي عن الذهاب لدورات مياه مدرستي لأنها ليست قذرة جداً، إنما ليست نظيفة مطلقاً، سأحاول أن ابلع مشهد أن ادرس العام في مطبخ الدور الأول وهذه السنة في «مقلط الرجال» وربما في السنة القادمة «تصطف أجسادنا وحقائبنا الثقيلة في غرفة» النوم الكبيرة»، سأتجاهل خروج المعلم في الحصة إلى منعطفات لا علاقة لها بما ندرسه، وسأهضم غيابه وتأخره وكثرة حصص الانتظار لأنها تساعدني على نوم هانئ وإهمال أكثر، سأنسى تماماً أن مدرستي ليس بها ملعب رياضي، وأن حصص الرياضة نمضيها في مقر الطابور الصباحي مع أن مدرستي مكتوب على جدارها الخارجي «العقل السليم في الجسم السليم»، وعلى جدار آخر «العلم نور»، وعبارة ثالثة تعجبني «المدرسة بيتك الثاني» لأني أنام كثيراً في البيت.
أنا لست طالباً كسولاً، وأرغب أن أكون مجتهداً، سأعدكم بأن أكون مختلفاً ومبدعاً وموهوباً، إنما أعطوني وعداً واحداً في أن تكون مدرستي مغرية بمبانيها وملحقاتها وفصولها ومناهجها ومعلميها وجدولها وترفيهها وأنشطتها ومكتبتها ومختبرها و «مَقصَفِها».
التوقيع:
طالب مجتهد في اليوم الدراسي الأول لعام قادم قد «يختلف» عن سابقه وقد «يتخلف»!>