أي زيادة طرأت على سلعة وبضاعة أقف ضدها بالرأي والرؤية، وأحاول بما استطعت أن أوجد
بديلاً يغني عنها ويغني بالتوازي عن الزيادة المصاحبة، وأي زيادة تضاف لخدمة ما تثيرني
كغيري وتبعث فيّ رغبة أكيدة للمقاطعة وتَبَنِي البديل أو ربما اختراعه بحسب قدراتنا
الشعبية البسيطة.
الزيادة الوحيدة التي أتفق معها هي زيادة «تعرفة الكهرباء» للقطاع الصناعي ما بين ١٣ و
٢٦ هللة، وأدعو صانع القرار لهذه الزيادة أن يشمل المستهلك العادي ولو ببضع هللات حتى
وإن غضبنا لأيام معدودة هي حدود الغضب المحلي لأي جديد لم نهضمه أو نقبله.
قبل أن أطرح صيغة السؤال التلقائي «لماذا» حين أوافق على زيادة كهذه؟ أؤكد أن قناعتي
نبتت من مشاهدات يومية وقراءة تخصصية بحتة عن مستقبل الكهرباء والعرض والطلب، وفي
الأخير تجربة شخصية تثبت أن هناك خللاً متوسطاً فما فوق للعقول والأيدي التي تتعاطى مع
خدمة الكهرباء والمياه أيضاً.
الزيادة ستخلق ثقافة استهلاكية جديدة متوازنة، وستشرح للعقلاء – فقط – بحسبة جديدة أن
تعاملنا مع الكهرباء لا يزال في حدود التعامل مع ما يشبه «اللعبة»، ما دامت هذه اللعبة
محسومة لصالحنا نهاية الشهر بحزمة ريالات لا تشكل أي عبء على موازنة الشهر، ثقافة
استهلاكنا للماء والكهرباء لا تزال تحت خط الصفر وجزء من أزماتها نحن شركاء فيه من دون
تحديد لنسبة، ما يدفع قناعتي مرة أخرى لجدوى الزيادة أن الكرة ستصبح بكامل محيطها في
ملعب شركة الكهرباء، فلن يقبل المستهلك الصناعي أو العادي بعد الزيادة مفردات الانقطاع
والانفصال والأحمال الزائدة وحملات الترشيد؛ لأن المنطق يقول إن المساحة للعلاج والكمال
ليس إلا، والمستهلك أياً كان نوعه سيبلع الزيادة على مضض إن كان سيتلقى خدمة معقولة
ثابتة بلا ظلام أو فصل أو انقطاع.
جربوا هذا الشهر – وكأني أقود حملة ترشيد مختلفة – استخدام الحاجة الحقيقية من الكهرباء
داخل منازلنا التي نشاهدها في المساء وكأنها تعد العدة لإقامة مهرجان فرح، وتعيش سباقاً
محموماً عن أيها يضيء أكثر. وأذكر للفائدة بحكم المناسبة قصة حدثت لي مع رجل أعمال محلي
حين صادف أن تجاورنا لأيام بسكن في العاصمة، فكنت أتفاجأ بإطفائه أي ضوء حين يخرج من
غرفته ولو كان هذا الخروج لا يتجاوز دقائق بسيطة، سألته حينها وأنا من المنتسبين لثقافة
الاستهلاك الخاطئة عن سر هذا الحرص الزائد والاهتمام اللافت وهو الذي يضم رصيده البنكي
بحسب علمي ثماني خانات كاملة «قابلة للزيادة» ليجيبني قائلاً: «أنت يا بني بتركك الغرفة
مضاءة كأنك تحرق ريالاً، ومن ثم ما الفائدة التي كانت من أجلها أزرار التحكم على هذا
الجدار؟»، قلت له: صدقت ثم ذهبت ساكتاً فاهماً متعجباً، وقررت لحظتها التطبيق حد
القدرة، ونقل المشاهدة لمن استطعت، وحَدَثَ أن هناك من نقلت لهم ما دار بيني وبين الثري
المحلي فوصفوه بالبخل وهذه إجابة المتخلفين وأعداء النجاح.
أعود للزيادة في السطر الأخير لأقول: إن كانت هناك من زيادة يمكن قبولها فهي ما يتصل
بخدمة الكهرباء والمياه، شريطة ألا تُحضِر هاتان الخدمتان للمستهلك مفردة «أزمة»، ومن
أجل صنع ثقافة استهلاك مثالية نفتقدها ونحتاجها جداً، ومن أجلها كتبت!
alialqassmi@hotmail.com
>