المرأة قصيدة متحركة ، بل هي مرثية حزينة ، وسيمفونية جنائزية أليمة .. وهناك حكايات متناسلة بعضها من بعض ، كي تعيش في أعماق المرأة العاملة ، وهنا معاناة خلف هذه العباءة ، وهي وصمة عار كتبت بحبر الألم ، على جبين من جعل وضع المرأة هنا يبدو صعباً للغاية ، محافظون جعلوها خارج حساباتهم ، وعصريون رموها خارج منطق العقل في ذاكرة للنسيان ! فأصبحت مهدرة الكرامة والحقوق .. تمكث المرأة العاملة في صراع ، مع البقاء والاستمرار ، أو النهايات المأساوية، والهزيمة المُرّة ، إذ هي استسلمت لواقع أقوى ، في أقاصي البلاد وأطرافها مرمية ، بسبب أنها طلبت بحقها في العمل والعلم ، وممارسة مهنة التدريس ، ليس الأمر متعلق بأنظمة وزارة التربية ، ولا متعلق بدستور ديوان الخدمة المدنية ، والذي أطلق عليه البعض تهكماً الخدعة المدنية ! ولعلهم قاربوا من الحقيقة كثيراً ، الأمر متعلق بالنظرة للمرأة وشأنها ومكانتها في المجتمع وهو الميزان الذي يحدد مدى تعامل المجتمع الرسمي مع المرأة ! خصوصية المرأة الفطرية على المحك ، فهي ، إما مهضومة الحقوق ، وأما أنها مبخوسة الحقوق ! ابتزاز أخلاقي ومالي وتجاري تعب نفسي وجسدي إنهاك عقلي وفكري وعاطفي .. يعترض طريقها المتشح بالسواد ، وإن كانت بالتأكيد سوف تجد هذه المشكلات وغيرها حتماً إن هي سكتت على هذا واستكانت ، ورضيت بالمقام / المعتقل الجبري أو المنفى بقرار تعيين جائر..! المرأة المعلمة نموذجاً صارخاً لسوء التعامل بأساليب لا تحترمها كثيراً! يتم توجيهها بقرار وزاري قاس ٍ ومزدوج إلى مناطق خارج المعقول ، منطقة نائية غير مأهولة وخطيرة ولا تُصلح لسكن الآدمي، فإما الصمود ومواصلة الطريق الموحش الألف ميل ، أو العدول وأحلاهما علقم ! فإذا غابت لظروفها لمرض طفلها ، أو تحاول إرضاء زوج سيئ ، أو القيام بواجبها في منزل زرجها وأهلها .. فإن جزاء غياب يوم واحد هو الحسم ! ليس هناك ” أيام رحمة أو زيادة أيام الإجازة الاضطرارية مثلاً !” غربة كئيبة . وإيجارات نار . وبعد مسافات ومخاطر طريق . وأجرة سائق . ثم حسم بلا تقدير لظروفها ..! فكيف تؤدي دورها كمعلمة بكل أخلاص وتفان ؟! ثم كيف تقوم بدورها كمربية لأبنائها على أكمل وجه، ونحن نعلم أن الأم مدرسة ؟! طبيعة المرأة وفطرتها لا تستطيع الجمع بين كل هذه المتاعب ! وضع المرأة العاملة وغير العاملة غير جيد في كثير من تعاملنا معها أفراداً ومؤسسات ، وكثير من حقوقها إما غائبة أو منقوصة . ومنها رمى المرأة المعلمة في مناطق بعيدة من هذا الوطن ، وكلنا يعلم سوء الخدمات ، وغلاء الأسعار للشقق المفروشة وغيرها ، وتفشي الجريمة ولعل آخرها ظاهرة الأثيوبيين وخطرهم المحدق حيث يتواجدون في الأودية النائية التي يعيرها المعلمات قبيل الفجر. وهو أمر في غاية الخطورة عليهن ولابد أن يكونّنّ في مدارسهن باكراً . ومنهن من تسكن وحيدة. ومنهن من تترك أطفالها بعيدون عنها . ومنهن من طلقت بسبب عدم تفهم زوجها لطبيعة عملها ومكانه . ومنهن من نفسيتها غير سوية .. وبلاوي زرقاء أخرى تواجه المرأة العاملة ! نظرة المجتمع ، ككل ، تمنع المرأة من البروز ، هي نظرة مجتمعية قاصرة . يفضل أن يرى المرأة خارج الحياة والعصر والزمان .. هذا ما يمنع المرأة من التمتع بنفس الحقوق والعدل والمساواة مثل الرجل . مستوى تحضر المجتمع ووعيه وثقافته يحدده وضع المرأة . كلما نالت المرأة العاملة وغير العاملة حقوقاً تقدم البلد نحو المعاصرة والتطور . فحقيقة عدم الإقرار بالمرأة ككيان مستقل تخدم أهل النظرة القاصرة تجاه المرأة ، لكنها تبقى صوت حق ، مرادف للحرية .. قبل ثلاثة عقود كانت المرأة تحصل على حقوقها في كل شيء ، حتى في اختيارها للزوج والعمل والمسكن .. ومع تقادم الزمن عاد مبدأ وأد المرأة والتنكيل بها!؟؟؟>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …