** قبل أن أبدأ الكتابة عن هذا الموضوع ترددت كثيراً لأني أعرف أنـي أدخل عش الدبابير وبالتأكيد لن أخرج سالماً من لسعات هذا التيار أو ذاك لأن المجتمع يمر بحالة استقطاب شديدة لا يتحمل رجل مسالم وبرئ مثلي خوض غمارها..!
** لكن مايتم طرحه عبر وسائل الاتصال الاجتماعي حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من نقاشات وأطروحات زادت حدتها عقب مصرع شخصين في العاصمة الرياض فيما عرف إعلاميا بــ (مطاردة اليوم الوطني) دفعني للكتابة حول هذا الموضوع الحساس لدرجة الغليان !
** أعرف أن عشرات المقالات قد كُتبت عن الهيئة خلال الأسبوعين الماضيين إما مدحاً أو ردحاً .. لكنني سأحاول أن أشخص الموضوع كما أراه أنا راجياً من المولى أن يقيني شر المتربصين المتصيدين !!
** قلت : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة إسلامية لا ينكرها عاقل لكن ماينكره العقلاء والمجانين – على حد سواء- هو أن تتحول هذه الشعيرة إلى مطية للقتل والمطاردات والتعسف بحق عباد الله دون نظام ينظمها أو قانون يسيرها .
** وكنت قد كتبت منذ مدة طويلة أن رجال الحسبة يجب أن يتم تأهيلهم تأهيلاً اجتماعيا حتى يحسنوا التعامل مع كافة شرائح أفراد المجتمع لا أن يُكتفى بالتأهيل الشرعي فقط كما هو حاصل الآن !
** مشكلة رجال الحسبة أن غالبيتهم لايحظون بقبول لدى شرائح معينة من المجتمع كالشباب وذلك للصورة الذهنية التي ترسخت لدى الكثيرين حول رجال الهيئة وأن مهمتهم تنحصر في المطاردات والجلد وحلق الرؤوس وهي صورة تكاد تكون صحيحة أحياناً وهي في الغالب نتيجة نقص ثقافة التعامل والتواصل من رجل الحسبة مع من يلقاهم في الشارع .
** وأرى أنه أصبح من الضروري أن يتم إستحداث أقسام الحسبة في كافة كليات الشريعة وأن تكون الدراسة مكثفة في هذه الأقسام حتى يتخرج جيل جديد من رجال الحسبة مؤهلين شرعياً وإجتماعيا وفكرياً ومؤهلين تأهيلا عالياً في مهارات الإتصال والتخاطب مع الآخر على ألا تقل الدراسة فيها عن ثلاث سنوات و لايتم التوظيف في الهيئة إلا من خريجي هذه الأقسام وألا يتم الإكتفاء بدبلومات الحسبة التي تمنحها بعض الكليات !!
** وفي ظني أن هذا الأمر جدير بالدراسة على وجه السرعة وبدونه سيظل رجال الهيئة معرضين لسياط النقد وسيل الحملات الإعلامية والشعبية وستظل الهيئة مثل الضلع الأعوج الذي إن أقمته كسرته وإن تركته ظل أعوجاً وظلت معه بعض المآسي تتكرر في مشاهد مسيئة بحق هذه الشعيرة التي أختص الله بها أمتنا من بين سائر الأمم . >