يصطنعون بأنفسهم الفخر ، والثقة بدواخلهم قد أشتكت : دعوني فلست لكم ، إذ ليس لديكم ما يشفع لكم لتملكي والأفراط في إستخدامي فلم التباهي بالعدم ، ولم التظاهر بالسكنى مع القمم ، وأنتم بقرارة ذواتكم تعلمون أن الثوب الذي
ترتدونه ليس بمقاسكم وإن أجتهدتم في تقييفه , وتقريبه ، فلم العناء والطرد وراء المظاهر والجوهر بدواخلنا يشتكي .
أنا الأهم ، أنا الأهم ، وقد أهملتموني .
يصطنعون الفهم بكل شيء ، وهم أناس لا يعون ما يقولون ، ولا يستوعبون ما يسمعون ، فليس لهم سوى إقحام أنفسهم وليس الاكتفاء بالمشاركة فيما لا يعقلون بل جادلوا وعارضوا وقتلوا لب الحوار وليتهم انتفعوا بخلاصته .
يصطنعون الحكمة وهم أعجل ما يكون لإتخاذ القرارات الغير ناضجة التي لا يصل ضررها إليهم فحسب بل يمتد إلى من حولهم ، وحجتهم دوما واهية : نعرف جيدا ماذا نفعل ؟؟
يصطنعون التجربة ، وحينما تقرأ صفحات حياتهم لا تجد سوى قشور من صخور رفضت أعماق التجربة إبقائها في المحيط لتضعها على الشواطئ البعيدة التي لا يكترث الناس للوصول إليها ..
يصطنعون القوة ، وهم في حقيقتهم ليسوا إلا ركاما من الضعف محطم بداخلهم ، ولن يطيقوا جمعه وإن جمعوه فليس سوى ضعف .
يصطنعون الكمال في كل شيء ، والمثالية في كل الأحوال ، في الأقوال والأفعال ، والنقص يتملكهم ويرفض التخلي عن جوهرهم الذي أشتكى ثم أشتكى وهم يعلمون جيداً أن النقص إليهم أحب وأقرب
باتوا يصطنعون كل شيء ، مايستحقونه ومالا يستحقون فلسنا في خلاف على ما يستحقونه ، لكنما لم الانتماء لما لا يستحقون ، لا يعنى ذلك أن لا نثق بأنفسنا ، نثق ولكن بلا إفراط ، ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه ، ووضعها حيث يجب أن تكون ، فمن الظلم أن تضع نفسك في غير موضعها .
فإلى متى يصطنعون ، فلنكن حقيقين عقلانيين ، لا نصطنع ما ليس لنا ، ولا نضيع وقتنا في مقارنات مع الآخرين ، لمشابهتهم وأخذ ما كان لهم ، قد نقتدي بهم وقد نستفيد من تجاربهم ، ولكن مع بقائها لهم وعدم نسبها إلينا .
يا من يصطنعون ، الاصطناع ماهو إلا دليل قاطع على ضعف الجوهر وقلة الحيلة ، الحياة قصيرة فلا تضيعوا حياتكم واستقلوا بأشخاصكم .
* نائب رئيس الطب الوقائي بخميس مشيط>