يظل طموح الحصول على الشهادات العليا هو هدف أغلب طالبي العلم في زمن لا يعترف بالفضل فيه لأهله إلا بحروف تسبق أسماء أولئك الأشخاص ، أو لتطلعات أكاديمية تضيف إلى ذوي الهمم العالية مزيدا من الثقة في الذات والاعتداد بها نحو مزيد من التقدم في شتى مجالات العلوم ،
أغلب أولئك الطامحين يبنون في أذهانهم تلك الصورة الزاهية للتعليم العالي في قالب فكري يرقى بالعقول إلى مستويات عليا من الإدراك والفهم تشبع نهم ذلك التطلع، نحو أفق أوسع من التلقي والطرح والتعليل للمفاهيم، تجعل الفرد يستحق تلك الدرجة العلمية الممنوحة له والتي ميزته وتميز بها عن سائر أقرانه، بما تحصل عليه من أساليب متطورة في التفكير والتحليل والتعليل،
كل تلك الصور الذهنية المسبقة من طالب الدراسات العليا تأتت له من خلال ما سمع من مخرجات سابقة -قد تكون مبالغة- أو من خلال توصيف مقررات وخطط أقسام الدراسات العليا المنتشرة عبر البوابات الإليكترونية،
ثم ما يلبث الواقع أن يجثم على تلك الصورة الذهنية المسبقة بحقيقته المرة والتي في مجملها لا تعد إلا تطورا كميا لأيدولوجية التلقين التي درجنا عليها مسبقا في مراحل الدراسة الأساسية والجامعية بعد ذلك،
بل تزيد على ذلك في أسايب الحشو القسرية تحت وطأة الحرص على درجات المقررات، إلى استنفار العقل البشري لتحويله إلى ذاكرة مؤقتة تتلقى عشرات الكتب في زمن قصير، لا يتأتى معه فهم أو إدراك للحقائق،
يلقي بها الطالب في نهاية الفصل في كراس الإجابة لينفضها بعض ذلك من ذاكرته حتى يتسنى له تعبئة مقرر آخر، يتكرر معه المشهد المأساوي الذي يحد من التطور الفكري الذي يحتاجه طالب العلم ،
يفقد معها الطالب الرغبة في التطوير تحت ضغط التلقين والحشو المعرفي الذي قد يكون أغلبه تاريخي كان من المفترض أن يكون نقطة انطلاق لا محور تقعيد،
أنا لا أتكلم عن تجربة شخصية أو عن جامعة معينة بل ما ذكرته هو نتيجة استقراء من شرائح مختلفة من طلاب الدراسات العليا تم استشفافها من قائليها مباشرة أو من خلال المنتديات المتخصصة،
نداؤنا هو لأولي الاختصاص من واضعي وموصفي مقررات الدراسات العليا والأساتذة المشرفين على المقررات والرسائل العلمية بدعم جوانب الإبداع المختلفة لدى الطالب وتنميتها وتطويرها من خلال التنويع في تلك المقررات وفي طريقة عرضها وكيفية استيفاء مفرداتها وفق خطة تضمن التطوير والقياس له، تكون أكثر شمولية من الطرق السائدة التي تعمق الفجوة بين طالب الدراسات العليا وبين الإبداع في تخصصه، وأن يدرك أساتذة الجامعات أننا نعيش في زمن يسهل فيه الحصول على المعلومة ولكن التحدي الحقيقي هو طريقة التعامل معها.>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …