سمعنا في المجازيات عن بكاءِ السماءِ والأرض ، وبكاءِ النجمِ والقمر ، و المنبرِ والخمر ، وعرفنا في الواقع بكاءَ الإنسان وجربناهُ فكان يريحنا حيناً ، ويتعبنا أحياناً ، وخير البكاءِ ما كان من خشية الله ، فيكون كالغيث للأرض العطشى القاحلة . أمّا ما كان سببه أفراحاً فهو بكاء ممتع ولكنه قصير ، وأمّا ما كان بسبب صروف الدّهر فهو يغسل النّفس ولا يشفيها ، وأشدُّ البكاء ماكان سببه الظلم حيث أنه حينها لا يكون بكاء مُقل و إنما بكاء روحٍ وقد يجتمع الإثنان معاً ، ويولّد حسرةً وقهراً ويبقى أثره غائراً في النفس حتى بعد رفع الظلم . عالمنا اليوم ظالمٌ مظلمٌ فالكل يأبى الظّلم على نفسه ويمارسه على غيره ، والملاحظ أن دائرة الظّلم تتسع شيئاً فشيئاً حتى أنها أصبحت تشمل شعوباً بأكملها ليس لها ناصر سوى الله ، نرى من خلال الظّلم الواقع عليهم ضَعفنا وهواننا الذي صنعناهُ بأيدينا ، عندما سكتنا مرةً تلو أخرى حتى استسغنا طعمهُ وتلذّذنا به على حساب المظلومين ، وعلى الرغم من أن الإنسان يأبى الظّلم على نفسه إلاّ أنه أول ظالمٍ لها بارتكابه للمعاصي والذنوب وبعدم نصرة المظلوم ، إلى أن يبلغ السيلُ الزُبى و يبكي الظّلم نفسه !! حين يبكي الظّلم فهذا يعني أن الأمر بلغ مبلغه وأن الظُلم ملّ من صبرنا و هواننا ، ونحن نرى بكاء الظّلم حاضراً في عين طفلٍ مشردٍ ، وامرأةٍ ثكلى ومعتقلٍ و شيخٍ هرم . فإلى متى سنظلُّ نبكي حالنا ويظلُّ الظّلم يبكينا ويبكي نفسه ؟! “لَا إِلَهَ إلاّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالمِين”
بسمة محمد الطيّـار
>