مستشفى ( ظهران الجنوب ) في قلب العاصفة

IMG-20150831-WA0078

صحيفة عسير – سالم عروي :

تاريخ 6 / 6 / 1436 هج الموافق 26 / 3 /2015 م كان يوما حاسما , ليس كغيره من الأيام , ليس في تاريخ المملكة فحسب , ولكن في تاريخ المنطقة أيضا , ففي الساعة الواحدة تماما من صباح ذلك اليوم , فاجأت المملكة ومعها دول التحالف العالم أجمع بما سمي (( عاصفة الحزم )), حين أغارت قوى التحالف بطائراتها على قوات الحوثيين الانقلابيين وحلفائهم من بقايا الموالين للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح , والذين انقلبوا على الحكومة الشرعية في اليمن وقاموا باحتلال المدن اليمنية الواحدة تلو الأخرى .
وللحقيقة لم تأت عاصفة الحزم , كرد فعل على ما قام به الحوثيون من أعمال إجرامية في اليمن وضد إخوتهم اليمنيين فحسب , وبالتأكيد لم تكن اعتداء على اليمن والشعب اليمني , كما يدعي الحوثيون وعملاء إيران في المنطقة , والدليل تجمع الآلاف إن لن نقل الملايين من الإخوة اليمنيين أمام مراكز الهجرة والجوازات في كافة أنحاء المملكة , طلبا للإقامة وبحثا عن ملاذ آمن, ولا أظن أن الناس تهرب وتلتجئ إلى من يعتدي عليها , وقد فتحت لهم المملكة صدرها الرحب , كعادتها مع كل من يلجأ إليها , ولم تضعهم في الخيام والمخيمات , كما فعلت دول أخرى مع اللاجئين إليها , بل فتحت لهم بيوتا وأمنت لهم إقامتهم , كما أمنت لمعظمهم أعمالا تقيهم شر الحاجة والسؤال .
لقد جاءت عاصفة الحزم حقيقة , في إطار دفاع المملكة عن نفسها ضد اعتداءات الحوثيين المتكررة على أراضي المملكة وعلى مواطنيها , ففي عام [ 1430 هج ], أيام الملك عبد الله رحمه الله , قام الحوثيون مدعومين من إيران بالاعتداء على بعض المناطق والمواطنين في جيزان وظهران الجنوب , المتاخمتين للأراضي اليمنية , وقد وصلت إلى مستشفانا العديد من ضحايا هذه الاعتداءات من المدنيين السعوديين واليمنيين , وقامت المملكة في حينها بما يمليه عليها واجبها الوطني والقومي والإنساني , فقامت بصد العدوان عن أراضيها , وأوقفت الحوثيين عند حدهم , وقامت باستقبال اليمنيين والسعوديين الذين هجرتهم تلك الاعتداءات من بيوتهم في المناطق الحدودية , والحق يقال أن المملكة لم تضع هؤلاء الفارين من اعتداءات الحوثيين في الخيام وفي مخيمات للجوء , بل استأجرت لهم حكومة المملكة بيوتا وشققا مفروشة تليق بهم وبإنسانيتهم .
وكذلك , خلال مرحلة ثورة اليمنيين على طاغيتهم علي عبد الله صالح , وبينما كانت دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية , تبذل ما في وسعها لحقن دماء اليمنيين , وقد تكللت جهودهم بالنجاح , وذلك حين أطلقت مبادرة مجلس التعاون الخليجي , التي حقنت دماء اليمنيين , وحققت للإخوة اليمنيين أهداف ثورتهم على طاغيتهم , دون إراقة نقطة دم واحدة . في هذه الأثناء لم يشارك الحوثيون بالثورة بل كانوا مشغولين بإجراء تطهير مذهبي للقرى اليمنية المحيطة بمناطقهم , وقد وصلت إلى مستشفانا العديد من الإخوة اليمنيين ضحايا تلك الاعتداءات الآثمة, وتم معالجتهم من آلامهم وجراحهم , كما تقضي الأخوة والتعامل الإنساني .
انتصر الشعب اليمني بثورته على الطاغية , دون إراقة دماء , ولم تعجب هذه النتيجة إيران , لأن المطلوب بالنسبة لها على ما يبدو هو تدمير دول المنطقة على من فيها , سنة وشيعة إسلام ومسيحيين , وليس إقامة دول مجاورة , مستقرة وقوية , وقد نجحت فعلا في مخططها الإجرامي هذا في كل من العراق وسورية ولبنان , فبدأت تضخ السلاح للحوثيين , وبلع الحوثيون الطعم , ووضعوا أيديهم بأيدي بقايا أزلام علي عبد الله صالح , الذي مازال يحلم بالعودة إلى كرسي السلطة ولو على حساب دماء اليمنيين , وبدأ الحوثيون باستعراض عضلاتهم , فقاموا بالاعتداء على العديد من المناطق السعودية والقرى اليمنية , وقاموا بإجراء مناورات عسكرية على الحدود اليمنية السعودية , وبدأنا نسمع تهديداتهم ووعودهم النارية باحتلال المملكة حتى تحرير الحرمين , علما بأن ما قدمته و تقدمه المملكة للإخوة اليمنيين الكثير الكثير , فالآلاف من الأسر اليمنية تعيش في المملكة, وعشرات الآلاف منهم وجدوا في المملكة فرصة عمل لهم ومصدرا لعيش أولادهم , لم يجدوه في بلادهم , هذا وكانت مستشفيات المملكة ومنهم مستشفانا تستقبل أسبوعيا , وبقرار ومكرمة من جلالة الملك , المئات من المرضى اليمنيين الذين لم يجدوا علاجا لهم في بلدهم , وكان هؤلاء المرضى يستقبلون بكل ترحاب , ويعاملون كالإخوة السعوديين تماما وتتم معالجتهم وتقديم الرعاية الصحية لهم بما فيها كافة أنواع العمليات الجراحية , وذلك دون أي مقابل , وردا على هذه المكرمات جاءت تهديدات الحوثيين للمملكة واعتداءاتهم عليها , وذلك بتحريض من إيران , فكان لابد من عاصفة الحزم , كضرورة حتمية للدفاع عن النفس .
كما جاءت عاصفة الحزم أيضا , في إطار دفاع المملكة عن مصالحها الحيوية و الإستراتيجية المباشرة في المنطقة , فقد كانت إيران وما زالت , تسعى وبشكل واضح للسيطرة على البحر الأبيض المتوسط شمالا , وذلك بدعمها لنظام بشار في سورية وميليشيا حزب الله في لبنان , وتسعى للسيطرة على الخليج العربي باحتلالها الأهواز وجزر الإمارات العربية الثلاثة , وتهديدها الدائم لأمن واستقرار مملكة البحرين ودعمها المستمر للميليشيا الطائفية في العراق , وتدخلها السافر في شؤونه وأراضيه , وجاء دعمهم للحوثيين ليس من أجل سواد عيونهم ولكن في إطار محاولة السيطرة من خلالهم على بحر العرب ومداخل البحر الأحمر, وهذا ما يهدد المصالح الحيوية والإستراتيجية ليس للسعودية فحسب بل لكافة دول المنطقة , فكان لابد من عاصفة الحزم , للوقوف في وجه المطامع الإيرانية التدميرية في المنطقة .
وحين قام الحوثيون بالاشتراك مع ميليشيا علي عبد الله صالح , مدعومين من إيران وعملائها في المنطقة , باحتلال المدن اليمنية الواحدة تلو الأخرى , واعتقلوا الوزراء والموظفين ومعارضيهم السياسيين , وقمعوا المتظاهرين السلميين ضدهم بالحديد والنار , ووضعوا الرئيس اليمني المنتخب عبد ربه منصور هادي في الإقامة الجبرية وفرضوا عليه الاستقالة , وحاصروا عدن آخر معاقل النظام اليمني , وكادوا أن يصبحوا دويلة فوق الدولة على غرار ما هو حاصل في لبنان , حينها استجار اليمنيون , حكومة وشعبا , بإخوتهم في المملكة وفي دول مجلس التعاون الخليجي , وطلبوا منهم يد المساعدة , ولم يتأخر الإخوة الخليجيون عامة والسعوديون خاصة عن مد يد العون لإخوتهم في اليمن , و فاجأوا العالم بعاصفة الحزم . فعاصفة الحزم كانت ضرورة للدفاع عن النفس وليس اعتداء على اليمنيين كما يدعي عملاء إيران في المنطقة .
وللحقيقة كان ملفتا للنظر تفاعل واستجابة الإخوة السعوديين الرائعة مع ضرورات معركة عاصفة الحزم ومرحلة إعادة الأمل , فكان الموقف الرسمي للحكومة تعبيرا صادقا وموضوعيا لمقولة مهندس السياسة الخارجية السعودية , وزير الخارجية السعودي الأسبق , الأمير سعود الفيصل رحمه الله , حين قال : (( نحن لسنا دعاة حرب , ولكن نحن لها إن قرعت طبولها )) . وأثبت المقاتل السعودي في أرض المعركة وفي سمائها , كفاءة وجرأة رائعة , ونحن لسنا من يقيم تلك الكفاءة والقدرة لأنا لسنا من أهل الاختصاص, ولكن يكفي أننا لم نسمع أنهم قصفوا مسجدا أو مدرسة أو سوقا شعبية أو أية أهداف مدنية , ولكن كان القصف مركزا على نقاط القوة العسكرية وعلى مستودعات الذخائر والأسلحة للحوثيين وميليشيا علي عبد الله صالح ليس إلا .
والتف الشعب حول قيادته , دفاعا عن بلدهم , بأروع ما تكون الصورة الوطنية والإحساس بالمسؤولية , مما فوت على أعداء المملكة أي فرصة لتخريب النسيج الاجتماعي فيها , يمكن أن يراهن أعداء المملكة عليه , فلا يمكن أن ننسى الصورة الرائعة التي نقلتها شاشات التلفزة , حين استقبل أهل نجران طلائع جيشهم حين قدم إلى مناطقهم للدفاع عنهم و عن أراضيهم ضد اعتداء محتمل, فاستقبلوهم بالأشعار والأهازيج , وقدموا لهم الذبائح , وفتحوا لهم قلوبهم قبل بيوتهم , على الطريقة السعودية , بصورة مذهلة لا يمكن أن تمحى من الذاكرة .
وحين قام الحوثيون بقصف أحد المساجد وسوق شعبي وبعض البيوت الآمنة في مدينة ظهران الجنوب , مما تسبب في جرح وإيذاء العديد من المدنيين , نساء ورجالا , أطفالا وكهولا , إن أنسى لا أنسى أولئك الرجال من كبار ظهران الجنوب ومثقفيها , حين أتوا إلى المستشفى (( مستشفى ظهران الجنوب )) نيابة عن كافة أهالي ظهران الجنوب , وقدموا أنفسهم لإدارة المستشفى , وأبدوا استعدادهم لاستقبال وإيواء وإطعام , كافة أهالي المصابين وأقربائهم وذويهم , وجميع من يأتي إلى المستشفى لزيارة المصابين والاطمئنان عنهم وعن صحتهم , حقيقة كانت صورة رائعة تدمع لها العين فرحا وحبورا .
كما لا يمكن للمرء أن ينسى الجهد الهائل الذي بذله ويبذله رجال الأمن والشرطة وشرطة المرور ورجال الهلال الأحمر السعودي وكافة العاملين في الدولة, كل في اختصاصه وموقعه , لتقديم خدماتهم للمواطنين والعمل على حفظ الأمن وتسهيل عمليات إسعاف المرضى والمصابين .
وللحق وللتاريخ , ما أن أعلن عن البدء بعاصفة الحزم , حتى تحولت مستشفانا ( مستشفى ظهران الجنوب ) , كونها أحد المستشفيات في المناطق الحدودية مع اليمن , إلى خلية عمل دائم على مدار الساعة , تستقبل كافة الحالات المرضية و الإسعافية التي تأتي إلى المستشفى , من المصابين بالحرب ومن ضحايا الاعتداء على المملكة , ومن كافة الحالات المرضية الأخرى , الباردة والإسعافية , وتقوم المستشفى بتقديم العلاج اللازم لكافة الحالات التي تأتي إليها , كما ويتم إجراء الإسعافات وكافة العمليات الجراحية اللازمة لإنقاذ المرضى وحفظ حياتهم .
وقسم الطوارئ مليء بالأطباء من كافة الاختصاصات , والعناصر الفنية وعناصر التمريض في كافة المجالات , فيهم , المسيحي والمسلم والبوذي , وفيهم السني والشيعي وحتى العلوي والدرزي , من كافة الأديان ومن كافة المذاهب والأعراق , والكل يقوم بواجبه ويتفانى في خدمة المرضى والمصابين على أكمل وجه .
وقد قام الحوثيون بقصف مستشفانا أكثر من مرة , في محاولة منهم لتدمير المستشفى , أو شل حركتها , وترويع الآمنين فيها, وإلحاق أكبر الضرر بالمرضى والمسعفين والمعالجين , ولكن الحوثيون فشلوا في مسعاهم , وذهبت أفعالهم العدائية القذرة أدراج الرياح , وبقي المستشفى على نفس المستوى من العطاء وتقديم الخدمات للمواطنين , قبل وبعد القصف عليه .
وإنه لمما يلفت النظر هو الدور المميز للإخوة السعوديين , إداريين وموظفين , أطباء وممرضين , سائقين ومسعفين , في استقبال المرضى والتفاني في تقديم الخدمات الصحية والعلاجية وحتى الخدمية لكافة المرضى ولجميع المصابين . فما أن يعلن عن حالة طوارئ وعن احتمال قدوم إصابات إلى المستشفى حتى ترى مدير المستشفى ونائب المدير وكافة موظفي ومنسوبي المستشفى من الإخوة السعوديين , يهرعون مباشرة إلى قسم الطوارئ , ومنهم من يأتي من بيته ومن بين أولاده إذا كانت حالة الطوارئ خارج أوقات الدوام الرسمي , ويقوموا باستقبال المرضى والمصابين بأنفسهم , ويشرفوا على فرزهم ويراقبوا عن كسب حسن سير علاج هؤلاء المصابين ومقدار العناية بهم وجودة تقديم المعونات الصحية لهم , هذا ولتحسين جودة أداء العاملين في المستشفى من أطباء وممرضين , ولتقديم أفضل الخدمات الصحية والعلاجية للمرضى والمصابين قامت إدارة المستشفى بإجراء العديد من الدورات التدريبية والتعليمية , لكافة عناصر المستشفى , وذلك للارتقاء بالمستوى الفني والعلمي لكافة العناصر , وذلك حتى يقدم للمرضى والمصابين أفضل الخدمات العلاجية والصحية نوعا وكفاءة وجودة .
ومما يلفت النظر أيضا , هو قدوم العديد من الإخوة السعوديين , أطباء من كافة الاختصاصات والمستويات التعليمية , ممرضين وفنيين في كافة المجالات الصحية , قدموا إلى مستشفانا من جدة والرياض ومكة والمدينة والباحة وكافة أنحاء المملكة البعيدة عن مناطق التوتر و المناطق الحدودية , وكانوا يتفانون في خدمة المرضى والمصابين , معتبرين أن كل إنسان هو جندي في مكانه , مهمته الدفاع عن وطنه وعن أبناء وطنه , كل في مجال اختصاصه , لم يأبهوا لخطر , ولم يمنعهم عن أداء واجبهم المقدس عناء .
والحق يقال أن وزارة الصحة , وإدارة الشؤون الصحية في منطقة عسير , لم تبخل على مستشفانا بشيء يمكن أن يساهم في رفع كفاءة المستشفى لتقديم أفضل الخدمات الصحية والعلاجية لكافة المرضى والمصابين, فوفرت للمستشفى كافة الأجهزة والأدوات الطبية , والأدوية , ورفدتها ودعمتها بالعديد من الاستشاريين والأخصائيين والمقيمين والفنيين والممرضين , من كافة الاختصاصات وفي كافة المجالات , وذلك حتى يكون المستشفى بأفضل حالة ممكنة , حرصا على تقديم أفضل المستويات من الخدمات الصحية والعلاجية والإسعافية لكافة المرضى ولجميع المصابين .
ولم تنقطع زيارة المسؤولين للمستشفى , بدءا من أمير منطقة عسير إلى وزير الصحة وكبار موظفي الوزارة مرورا بكبار القادة من العسكريين وحرس الحدود والشرطة وغيرهم من كبار المسؤولين, وذلك بهدف الاطمئنان على حسن سير العمل في المستشفى , والاطمئنان عن صحة المرضى والمصابين , والتأكد من تقديم أفضل الخدمات العلاجية والرعاية الصحية لهم , بحيث يمكن القول أنه ما من مصاب دخل للمستشفى للعلاج إلا وجاء أحد المسؤولين الكبار في الدولة لزيارته والاطمئنان عن صحته والتأكد من حسن تقديم الخدمات له. وبهذا تتجلى صورة العلاقة بين الراعي والرعية , بين المسؤول والمواطن بأحلى بهائها وروعتها , وإن أمة هذه حالها لابد منتصرة على أعدائها بإذن الله .
IMG-20150721-WA0191
٢٠١٥٠٥٣٠_١١٤٧٤٨
IMG-20150418-WA0151
image593
IMG-20150717-WA0057
٢٠١٥٠٤٢٤_١٦٥٠٢٤
IMG-20150328-WA0068>

شاهد أيضاً

جمعية الإعلام السياحي راعيا إعلاميا للنسخة الثالثة من «معرض تعاوني للتدريب»
 
خالد آل دغيم: فرصة لتوضيح حقائق وأرقام حول وظائف القطاع السياحي

صحيفة عسير – ابتسام الغامدي :  بعد نجاح النسخة الأولى والثانية من معرض تعاوني للتدريب، …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com