من أبهج ما يبهج في جنوب البهجة العزيز انتشار ثقافة (الواجب الاجتماعي foundation) التي أصبحت تحرك أهم المؤسسات الاجتماعية كجمعية الأطفال المعاقين بأبها، ولجان التنمية الاجتماعية حيث تتنافس كل قريةٍ في العمل التطوعي، وقد فازت لجنة التنمية الاجتماعية بقرى (آل عاصمي) بالمركز الأول الموسم الماضي.
ولكن الفضل الأول في انتشار هذه الثقافة يعود للجهد الفردي من رجالٍ يناقشون نظرية: أن الجنوب (وليس فلسطين) هي أرض سيدنا الملك النبي/ سليمان، وتعضُدُهم مواقعٌ منسوبة إلى سيدنا موسى وسيدنا عيسى منذ القدم!
وتتجلى هذه «الهمم» في كثرة المتاحف الشخصية التي أسسها ورعاها وصرف عليها دم قلبه وقوت عياله أعيانٌ وتجار ومربُّون لا دافع لهم سوى حب بلادهم المكتحلة بالغيم، المُتَّشِحَة بالسنابل!
وتبلغ تلك المتاحف من الكثرة درجةً أحرجت قافلة السياحة (23) ففي محافظة (سبت العلايا) وحدها (14) متحفاً شخصياً، وكل صاحب متحف يتمنى صادقاً أن تمر به ولو مرور الكرام… أحد جاب سيرة (ساهر)؟
وما أصعبها في نفس الجنوبي المضياف أن يحلف عليك بكل (الملازيم) ولا تجيبه بقولك: (تم)! ولكننا ـ كتَّاب الرحلة ـ دخلنا في وجه الزميل/ محمد ناصر الأسمري، وهو شيخ ابن شيوخ يمون على أبناء المنطقة من (تَمْنِيَة) إلى ما وراء جبل (حرفة) الذي يعتقدون أنه (مُشبَّك) من قبل إخواننا الجن «اسم الله علينا»!
ومن حسن الحظ أن زميلنا الأسمري لا يخلع «البشت»! وعليه فلا حرج أن نسمي أقدم وأضخم تلك المتاحف الفردية وهما: متحف الوجيه (علي بن يحيى الشهري) في النماص وقرية (ابن حمسان) في خميس مشيط!
والأخير هو المجنون ابن المجانين ـ كما يعرِّف نفسه ـ وقبيلة الفنانين العباقرة كما نعرفه نحن: ظافر بن حمسان الشهري، ويحتاج الباحث إلى مجلد ضخم ليرصد تجربته الفذة، وآخر عجائبها: أن «هيئة السياحة والآثار» تطالبه بالحصول على دوراتٍ تدريبية لمحو أميته في صناعة السياحة، وهو من روادها قبل أن تخلق (الهيئة)!!>