الكاتب : علي سعد الموسى
لظروف شخصية خاصة، لا أستطيع هذه الأيام السباحة على الشاطئ: أقصد الكتابة على رماله الصفراء، ولهذا أنا مجبر على السباحة (كتابة) في العمق.
مضطر أن أهبط فوق الأمواج العاتية ولو بالبراشوت. خذ مثلاً، أنني مضطر للكتابة عن خبر يقول إن “حفرة” في طبرجل كادت أن تحصد أرواح عائلة كاملة ليلة دخول رمضان وإن والدهم يبدو في التقرير الأولي مصابا بشلل رباعي، ولكنني في الوقت ذاته لا أستطيع الكتابة أبداً أبداً عن التحويلة الكوارثية التي حصدت أرواح ثلاثة شبان قبيل إفطار اليوم الأول منه في نجران.
الخلاصة أنني أستطيع الكتابة عن عرعر والعلا ولكنني لا أستطيع الكتابة عن صامطة أو بلجرشي: أنتم، من يجبرني على الكتابة في العمق بينما أنا الوديع الهادئ الذي يتمنى “الخربشة” فوق رمل الشاطئ والسباحة إلى الركبة كأقصى حد، ومع هذا سنبدأ التفاصيل: في العمق، تقول نشرة الأخبار إن واحداً من رأس مشاريعنا الوطنية العملاقة يدخل “غيبوبة” الصيانة الإجبارية بعد شهر واحد من مقص الافتتاح. في العمق أيضاً، يقول لي محلل اقتصادي بارز – يحتفظ على الموسى باسمه -، إن ثلث المشاريع التي نسمع بها ليلة رأس الميزانية تستعصي على الترسية النهائية ثم ترحل هذه المشاريع من عام مالي إلى الذي يليه، ومثلما قال لي وأنا مجرد ناقل على مسؤولية هذا الخبير (ما زلنا مالياً نعيش على “المرحل” من قيمة المشاريع التي اعتمدت في ميزانية عام 2010 من العمق أيضاً، جمعت لكم من النسب المئوية هذه الأرقام: في السنوات الثلاث الأخيرة لم يرتفع عدد الأسِّرة الصحية سوى بأقل من 6% عما كانت عليه من قبل. نسبة الزيادة في عدد الفصول المدرسية لم تبلغ سوى أقل من 8%. عدد البيوت التي وصلت إليها عدادات المياه زادت بنسبة 14% على المستوى الوطني لكن أقل من 4% منها ثم جريان المياه إليها والباقية من النسبة ما زالت في الطريق. في السنوات الثلاث الأخيرة وقعت جامعاتنا ما يقرب من 160 عقد مشروع ولكن أقل من 20% من طلاب هذه الجامعات هم من يسكنون هذه المباني. فوق هذا كله: نسبة نمو الميزانية العامة في هذه الفترة تزيد على 35% فأين ذهبت هذه الفوارق ما بين المعتمد وبين المصروف؟ واعذروني أن سبحت اليوم في العمق: مكره أخاكم لا بطل.>