الكاتب : عيسى مشعوف الألمعي
وردة الأماني البيضاء يجب أن يحملها كل عاطل وعاطلة عن العمل . ليطيّرها بهواءِ فمه . ففيها تختبئ أمنية لابد أنْ تتحقق في الغالب، الأماني لابد منها لكل إنسان ، لكنها في برنامج حافز من الصعوبة أنْ تتجسد حقيقتاً جملية ، وصعوبة الحصول على حافز هو العنوان المستبد والأنسب، في ظلِ برنامجٍ قاسي الملامح والمضمون ، تقول الصحف اليومية ــ بسند متصل ـ عن برنامج حافز عن بعض المتنفذين والواصلين يقول الخبر : ” أنه تمّ استبعاد أكثر من مليون مستفيد من إعانة حافز .بسبب عدم الجدية وعدم الدخول الأسبوعي وهي ذات العربة التي وُضعت أمام الحصان الغالي الأثمان ، وهو كما تقول جدتي شارة رحمها الله الخبيرة الإستراتيجية في السياسة الداخلية ” ذر الطين في العيون المَحندرة !” ذلك لا يعدو حرمان آلاف من شباب وشابات هذا البلد من خيره ، ليس في الأمر استغراب ولا “أستقرام” بل إننا أعتدنا على سياسة التطفيش والتهميش التي تـُمارس بمنهجية منضبطة في حق أبناء الوطن العاطلين ، من مسؤولي حافز الذين ينتظرون أي هفوة من المستفيد الغلبان للظفر بحصته في وضح النهار الحارق . فأين تذهب مخصصات مليون محروم ؟ ما علينا ، جميع الأديان السماوية والمعاهدات الدولية كفلت للشاب “العاطل على باطل” أن تكفله وتتبناه الدولة وتضعه في بوب العين ، حتى يكون عضواً صالحاً في مجتمعه ، وحتى لا يذهب ــ لا سمح الله ــ من سوء المعاملة والخاتمة والفقر والتهميش شمالاً إلى داعش أو داحس أو يذهب جنوباً إلى الغبراء … والمنظمات الإرهابية كثيرة وتستقبل بلا مؤهلات. لكنها تصنع الشاب وتجعله جاهزاً للموت وتعطيه شهادة أكبر من البكالوريوس ! ثم إن مبررات مسؤولي حافز ــ رضي الله عنهم ــ ليست منطقية فهناك من الفتيات من يدخلن كل ساعة للبرنامج وليس كل يوم وتدربت وأنهت كل التزاماتها تجاه من استودعنا الله ديننا وخواتيم أعمالنا ، لكنها تفاجئت المسكينة وهي تحمل وردة الأماني البيضاء وابتسامات الفرح على محياها كالرمان، بأنها ” ضعيفة الله غير مؤهلة ” وتـُصدم في ذات اللحظة برسالة من حافز على جوالها تصرعها قبيل شهر رمضان باستبعادها من حافز ولا يحق لها التسجيل إلا بعد حول كامل أي ” أثنا عشر شهراً مما تعدون ” فهل تحول حافز ــ أطال الله عمره ــ مع الأيام وتتطور إلى أن أصبح ساهراً أو ربما قاهراً للشباب العاطل ؟! وليت الأمر يستحق العناء وتعب التحديث والتدريب الأسبوعي فوظائف أهل حافز هلامية لا طعم فيها ولا رائحة وربما ذهبت إلى أبعد من مغسلة موتى إلى مغسلة أحياء ومنظفة ضمائر قوم صدئة ، ألفٌ وخمسُ مئة ريال أو ألفين ريال مما تعدونه مالاً محرزاً في هذا اليوم وفي ظل الغلاء العربي الفاحش لا يعكس جدية هذا البرنامج ، بل هو أشبه بملهاة للشباب والبلبلة على تفكيرهم ، فقد أخرجه البعض “ثاني اثنين” بعد أن كان يوم الجمعة إلى بحرٍ لجيء كي “يستحم” ويذكر الله ، وبقي مليون وأكثر وأكثر يطلمون الخدود ويشقون الجيوب الفارغة ويسحبون شعرهم الشلال وينفثون الآهات ويرسلون سهام الليل الأدعية على كل ظالم لهم ، والدعاء هو الحق المشروع الوحيد الذي لا يُحاكم عليه أحد . نعم تمّ إخراج الهدف النبيل من حافز من خانة الإباحة والاستحقاق والتكريم لابن البلد إلى بؤرة التعقيد “والبيروقراطية والبراغماتية” والإهانة لابن وبنت البلد، مما أضر نفسياً بالكثير من الشباب والكثيرات من الفتيات الماجدات ، ومنهن على سبيل المثال حَرمنا المصون “صالحة بنت عبد الله بن يحيى رضي الله عنها وأرضاها ، فقد دخل عليها رمضان كئيباً لا معنى له فقد بنت أهرمات من المشاريع التي سوف تصرفها من عطاء حافز ، لكن تمّ استبعادها بقسوة من خير وخبز هذا البلد المعطاء وزميلاتها أيضاً يحلفن بالله أن الأماني والأحلام التي بنينها بانتظار “معونة حافز” مثل جبال عسير ، رغم المبلغ الزهيد الذي أذلهن في بلد العزة لله والكرامة للمواطن الصالح ، صالحة وأخواتها مواطنات صالحات حُرمنَ من خبز الوطن , فكأنهن سُلبن الكرامة ، لماذا لا يتم تحويل الذين استضعفوا وحرموا واستبعدوا وأوذوا من برنامج حافي أعني حافز إلى الضمان الاجتماعي ليكون بمثابة رد الاعتبار لحرائر الوطن ؟! أخيراً : أين الملايين ؟!>