تقاسيم – التصنيف السيء لـ «مطار ليس جيداً»

f549b05c871a453985868c73eef88128

علي القاسمي

تُحضر بعض المفردات شيئاً رفيعاً من الاستفزاز، حتى وإن قيل لنا في المنعطف الأول من الجمل التي أتت برفقتها إنها مفردات متداولة على سبيل التكهنات والتوقعات والتنبؤات، ولكن حين تأتي المفردات بطبق غير شهي اسمه «سوء» نكون إزاء إرباك وقلق وبؤس، لأجل الهرب من ملامح ومواجع السوء أو الدفاع عنه بالممكن والمستحيل، فلا أحــد يــريد أن يكون سيئاً.
يمكن أن نوصف بالتقصير بالتراجع، بالبطء، بالكسل، بالتأخر، بأية كلمة مطاطية قافزة مركونة أو مركولة، أما أن نوصف بالسوء فذاك يستوجب إعادة تحديث للموصوف بالسوء، ولـ «إعادة» التحديث صرامة وصراحة، ومن قبلها مكاشفة مع الذات إن كانت هناك إرادة للقفز من خانة مظلمة إلى خانة مضيئة.
السوء الذي نحن بصدد الحديث عنه يخص السيد/ مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، إذ إنه تصدّر مطارات العالم سوءاً للعام 2016، في تصنيف نشره موقع إلكتروني يُعنى بالخدمات المقدمة للمسافرين عبر مطارات العالم، ويجلب آراءهم وتقويمهم في هذا الإطار. وعلى رغم أن التصريح المضاد لهذا الخبر والصادر عن هيئة الطيران المدني يتحدث عن فقدان التصنيف لأدنى آليات التنظيم الواضحة، ونخرج من الحرج وزاوية المطبخ الخبري، باعتبار سطر السوء مجرد سطر عابر يجب ألا يؤخذ على محمل الجد، وإن نسينا أن مطارنا الجميل يقترب عمره من ثلاثة عقود، وهي كافية في ظل كثير من ملامح الترهل لأن يقتنص التصنيف ما شاء من الانتقادات وكتل السخرية والاستياء.
من المستحيل أن نتباهى بواقع مختلف وجاذب لمطارنا الدولي، ونجهر بأنه محفز للسفر وأهله، وليس مقبولاً الحديث عن حراك جاد في التغيير وملامسة الإيجابية لجملة من محتويات مطار لا يعرف الصمت واستعصت عليه لوازم الجذب ولفت الانتباه الموجب، ويصعب وصف الواقع بشيء مخالف ومنافٍ للصدق، في ظل أن سماع الملاحظات التي يرحب بها المسؤولون شيء والدفــع بها لعـربــة الحلول والطمس شيء آخر.
لننسَ التصنيف والسوء وآليات التقويم، ونترك كذلك التأكيد المنتظر عن تحول هذا المطار إلى تحفة فنية في المرحلة المقبلة، فربما يزورنا ضيف متخصص في تقويم المطارات ويمدحنا أو يذمنا، وقد يصر على سوء مطارنا أو يرفع معنوياتنا ويدفع بالعامل النفسي بضع درجات، فيقول هنا انتظام وهنا فوضى، هنا عمل وهنا إهمال، هنا استيقاظ وهنا نوم، إنما يجب ألا تنتفض هيئة الطيران المدني لخاطر تصنيف قدّم أحد مطاراتها في صدارة الأسوأ، على رغم قناعتي بأن السوء لا يمكن أن يُطلق جزافاً، بعيداً عن خيبة الآليات وقصورها في التقويم.
المسافر يعاني كثيراً على صعيد مطاراتنا بلا استثناء، صحيح أن الوعود تقدم على طبق أسبوعي، والتفاؤل مرافق لرحلات الوعود، لكنهما ليسا كافيين لأن نلمس البهجة في الميدان وفي وجوه العابرين والعاملين.
وبعيداً عن التصنيف مرة أخرى، والتأكيد أن مستقبل مطار الصدارة سيكون مبهجاً مدهشاً، يستلقي ســؤال متــقشف: ماذا عن المطار حالياً؟ وما رأي المغــادرين والقادمين منه وإليه؟
وأنا على يقين بأن العمل الحالي إن نال إعجاب ربع قومنا المحليين فلن نتزعم صدارة أي سوء، ولن نكون قطعاً في جدول مطارات العالم النائمة عن التطور لا العمل.>

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com