الموقف الوحيد للتعليم

  توجه الأستاذ محظوظ إلى الإدارة مبكراً كعادة كل معلم حيث وجد جميع المواقف شاغرة فاختارت سيارته أقربها! وعلى العكس كانت كل المكاتب مغلقةً فراح يمارس رياضة المشي في السيب الطويل، وهي الرياضة التي لم يتركها حتى في الزنزانة الانفرادية الضيقة!
وبعد ساعة ارتفعت الأصوات فجأةً وساد هرجٌ ومرجٌ بين كبار الموظفين، وانتقل العراك الصوتي إلى الخارج، تابعه الأستاذ محظوظ من النافذة وإذا بسيارته الحبُّوبة محاصرةٌ من ثلاث سيارات فخمة كبيرة وقد حضر قائد الحراسة العسكري وأخذ يتحدث في الجهاز اللاسلكي ويحاول التهدئة!
أسرع وفتح سيارته بالريموت ليلتفت الجميع إليه: هذه سيارتك؟ نعم.. ما تعرف أن مواقف المراجعين هنااااااك بعيييييد؟ أنا محظوظ وقد استدعيتموني من المستودع أمس! طيب ما تقرأ؟ وأشاروا إلى أعلى مظلة الموقف وإذا هي: (مساعد مدير الإدارة للشؤون التعليمية)!
أوقف سيارته خارج الإدارة وعاد مشياً ليفاجأ بأن الموقف ما زال شاغراً ولكنه أغلق بشريط بلاستيكي وحداوي (أبيض وأحمر) ووضعت بداخله لوحة (ممنوع الوقوف)! وفي الداخل تفسخت الأمور: لقد تقاعد الديناصور الذي كان يشغل المنصب وما زالت المنافسة حامية الوطيس بين كفاءاتٍ ثلاث: (زعيط) الذي يحمل الماجستير في الإدارة من أمريكا، و(معيط) الذي يحمل الدكتوراة في التاريخ الجاهلي من جامعة الإمام، و(نطاط الحيط) الذي نال منذ أسبوع فقط الدكتوراة من جامعة الإمام في التربية الحديثة!
(زعيط ومعيط) كلاهما من منطقة (Z) و(نطاط الحيط) من العاصمة، ولكن المساعد العسكري ينتمي لمنطقة (Q) ويريد تمطيط الموضوع وكسب الوقت ليجد من يرشحه من منطقته!
كانت الدراسة قد استؤنفت منذ شهرين وما زال كثيرٌ من المدارس التي يشرف عليها (زعيط ومعيط ونطاط الحيط) تعاني عجزاً في المعلمين والمعلمات، ونقصاً في الكتب والأدوات المكتبية، والمتقدمون والمتقدمات للوظائف التعليمية بالآلاف، والأدوات والكتب في المستودعات تكفي الوطن كله، ولكن من يوقع الأوامر بوصفه (مساعد مدير الإدارة للشؤون التعليمية)؟
أما موقف السيارة فكان من حق (يوسف الثنيان) لأنه يحمل الرقم (15) بلون أبيض على لوحة زرقاء!!

محمد السحيمي

>