الثقافة العسيرية في زمن التيه 2

المحسني-200x180بعد مقالي الأول علق الصديق الشاعر إبراهيم طالع في رسالة واتس أب بعثها لي وصف فيها الثقافة العسيرية المعاصرة أنها تشهد تفريقا متعمدا أو غير متعمد يشبه معاهدة سايكس بيكو .وهو ربط واستشعار له دلالته وأرجو ألا يكون الأمر  بذلك  السوء .

ربما تختلف الثقافة العسيرية عن غيرها من ثقافات مناطق مملكتنا السعودية الحبيبة بأنها ثقافة جمعية في أساسها من امتداد تهامتها لسراتها؛ فهي تنتمي لرجل واحد أو لحلف تاريخي واحد، ولذا فدعاة الفرقة لها يمزقون جسدا ثقافيا واحدا لا يحتمل الفرقة .

وبعد مأسسة الثقافة شهدت ثقافة عسير توحد التأسيس على يد من أسسوا النادي ثم بعد تولي الشيخ الأديب محمد الحميد مقاليد النادي لعقود كانت سياسته التي تحمد له الجمع لا التفريق سواء في تقريب المثقفين دون النظر لبيئاتهم المكانية، وتقديمهم دون حدود والتعامل حتى مع المخالف بسياسة الاحتواء.ولعل مواقفه من الأستاذ علي التمني خير دليل على ما أقول رغم قوة صداميته  المناوئة لبعض توجهات النادي التي لم يكن يراها . وعلى المستوى الأدائي رأينا مثلا في إدارة الحميد إثارته الجماعية لناديه بمواجهة طروحات كمال الصليبي التي تمس الكيان العسيري رغم تباين آراء المثقفين من تلك الرؤية .وربما في عهده ساد شعور عام بعدم الحاجة إلى تجزئة ثقافية تتصل بثقافة الجزء المكاني وتضخيمه على حساب الكل؛ فالكل ينتمي لعسير الثقافة من ألمع ومحايل وبارق إلى أبها وخميس مشيط وظهران الجنوب إلى النماص… وكان النادي ملتقى للجميع يذوب فيه المكان الصغير باتجاه الهم الثقافي الأكبر للمكان.وبعد الصراخ الإعلامي للتغيير عمدت الوزارة للتعيين وكان وصول المثقف محمد زايد لرئاسة النادي مؤشرا لبدء فرقة جديدة قادها الإعلام وشهدت أبها فرقة غيرمسبوقة تلبس فيها الثقافي من أسف بغيره  عرفت بحرب البيانات قادتها صحيفة الوطن وأدت لاستقالات وإحلالات بمجلس جديد توافقي شهد صدامات إعلامية هو الآخر وفرقة داخلية أعاقت عمله على تحقيق ما كان يطمح إليه من إنجاز. وبدأت تظهر الاستشعارات المكانية التي تلوذ بالمكان وتبتعد عن النادي والمؤسسة الثقافية.

حتى إذا جاء وعد الانتخابات التي شهدت أكبر فرقة وتمزيق للثقافة العسيرية في نظري حيث انشقت الجمعية العمومية على المجلس المنتخب بطعون تلت الانتخاب مباشرة وصلت من أسف لأروقة المحاكم وكان حقا على المجلس إن كانت تهمه ثقافة المكان  أن يجمع المثقفين قبلا ويحل مع جمعيته تلك الإشكالية بالدعوة لانتخابات مبكرة ورقية شفافة  تعيد الأمور لنصابها وستباركها الوزارة قطعا التي ألمح وزيرها إلى مثل ذلك كحق  تكفله اللائحة،بيد أن النادي آثر أن يمضي في نشاطه دون اكتراث بمواقف الجمعية؛ الأمر الذي كان عاملا مهما في الفرقة الثقافية وتكريس الشتات الثقافي.

يتبع..

د.عبدالرحن بن حسن المحسني

>

شاهد أيضاً

رحل عامر المساجد

بقلم/ عوض عبدالله البسامي مات الهدوء ومات اللين والحلم وغربت التؤدة والأناة مات الشيخ الوقور …

تعليق واحد

  1. ناصر الشهري

    هل إقامة فعالية في مكان ما من عسير دليل تشعيب وتمزيق الثقافة العسيرية كما ترى؟
    ارتكبت نفس الخطأ الذي تشكو منه حيث نسبت الثقافة إلى عسير القبيلة حين تحدثت عن الحلف والرجل مع أن عسير القبيلة لا تمثل أكثر من 20% من سكان عسير المنطقة.
    خلال المقالتين لم تقدم دليلا واحدا مقنعا لما تصفه بتمزيق الثقافة وإنما قدمت مقالين إنشائيين فقط.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com