مكة المكرمة – سعيد العلكمي – محمد الفلقي :
أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور سعود الشريم، أن شيئاً قليلاً من التأمل في حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- يجعل كل ذي لُبّ وبصيرة يدرك البركة الكبرى في شعيرة حج بيت الله الحرام ويلمس معاني ومشاعر ما في حجة الوداع التي حجها النبي -صلى الله عليه وسلم- من عبر وعظات وفقه وحكم في السياسة الشرعية والاقتصاد والاجتماع والأسرة وقبل ذلك كله عقيدة التوحيد التي لا يصح الإيمان إلا بها، فإن الله جل شأنه لم يأمر الخليل ببناء البيت إلا لإقامة التوحيد ولم يشرع الحج إليه إلا لإقامة التوحيد.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم: ” إن من حكمة الله ورحمته بعباده أن جعل لهم مواسم يتزودون فيها من التقوى والإنابة والقرب منه سبحانه، فما تخرج الأمة من موسم عبادة إلا وهي تستقبل موسماً آخر لتترادف صلتهم بالله، ينالون من نفحاتها ويغنمون من بركاتها ويجعلونها سلماً إلى رحمة الله ورضوانه، وقد ملأ ربنا جل شأنه العشر من ذي الحجة بفضائل من الطاعات والبركات يشترك فيها الكبير والصغير والضعيف والقوي والذكر والأنثى صوماً وذكراً وتكبيراً وصدقة وحجاً إلى بيته الحرام خص فيها جمع عرفة حين يباهي بهم ملائكته فيشهدهم أنه قد غفر لهم ومن كرمه وإحسانه أنه لم يقصر المنفعة في هذا اليوم على الحاج فحسب بل وسعت كل من لم يكتب له قصد بيت الله الحرام أن يصوم يوم عرفة محتسباً ذلك عند الله فإن فيه كفارة عامين عام مضى وعام يُستقبل، ومن كان يوم عرفة هو اليوم الثامن في بلده لاختلاف مطالع الأهلة فإنه يصوم هذا اليوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق فقال / يوم عرفة / ولم يخصه بالتاسع على الصحيح من قول أهل العلم//.
وأضاف يقول // انظروا إلى المشهد الرهيب والجمع الجليل على صعيد عرفات يجأرون فيه بلغات مختلفة إلى رب واحد مختلفة ألوانهم ولغاتهم ولباسهم واحد ونسكهم واحد لا فضل لأحد على أحد في وقوف أو رمي أو مبيت أو طواف أو سعي إذ لا وساطة في القرب إلى الله ولا محاباة لأحد فيما شرعه الله كلهم يلبي تلبية واحدة //.
وبين الشيخ سعود الشريم أنه يشرع للحاج أن يتفرغ للدعاء عشية عرفة يسأل الله فيه من خيري الدنيا والآخرة ولا يدعو فيها بإثم أو قطيعة رحم فإذا غربت الشمس من يوم عرفة دفع الحاج منها إلى المزدلفة بسكينة ووقار خاشعاً متذللاً لله سبحانه فإذا وصل المزدلفة صلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين وجلس بها، فإذا صلى الفجر دعا الله -جل وعلا- حتى يسفر ثم يتوجه إلى منى وهو يلبي حتى يرمي جمرة العقبة فإذا رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة؛ حصل له التحلل الأول، فإذا فرغ من الرمي نحر هديه إن كان عليه هدي ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا بالرحمة للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة واحدة.>