تواصل لاتفاصل

أتردَّدُ كثيرًا في استخدام أيِّ برنامج من برامج التواصل الاجتماعي ؛ وذلك لكثرتها ، ولتنوُّعِها ، ومخافةَ تضييع الوقت في التنقل بين تلك البرامج ، ولعلمي بأن أيَّ برنامج تفاعليٍّ يظهر هو برنامج لن يكون الأخير في هذا العصر العلميِّ المتسارع !

والحقيقة أن من يدخل عالم هذه البرامج، فسيعلم كم من الجهد المبذول من تلك العقول الجبارة التي تعمل ليلَ نهارَ من أجل إيجاد برنامج يتميز عن الآخر ، وفيه ما لا يوجد في أي برنامج ، والعمل على حمايته ، وتطويره باستمرار ، وجعله هو البرنامج الأولَ لدى المستخدِم .

والحقيقة – أيضًا – التي لا مراء فيها ، والقادمة من طريق الإجابة عن تساؤلي :
هل كلُّ هذا الجهد الكبير ، والعمل الدؤوب ، والتطوير المستمر هو من أجل تقريب الناس مع بعضهم بعضًا في عالمٍ من الود والتَّصافي ؟!
أشكُّ في هذا !

ربما يكون من ضمن الأهداف تقريبُ الأفكار وفق منهاج محدد ، وصهر كثير من المعتقدات التي يرفضها المصمِّمون ، والترويج لأخرى يؤمنون بها ، ويسعَون من أجل تحقيقها !

أقول هذا ؛ لأنني أرى الواقع يقوله، فالناس قبل هذه الوسائل كانت تعيش في هدوء كبير ، إلا من بعض القضايا التي كانت موجودة ، ولا تزال ، بل بظهور هذه الوسائلِ زادت في زمانها الحروبُ ، والخلافات ، والعنف ، والقتل ، والتدمير ، بل أسهم بعضها بشكل مباشر في سقوط حكومات ، وتأزم مجتمعات !

ولكن وقد صارت هذه الوسائل واقعًا جذبنا كما جذب الكثيرين من كبار وصغار، وذكور وإناث ؛ فإن بأيدينا أن نجعل منها وسائلَ تواصلٍ حقيقيٍّ ، ننشر من خلالها أنوار المعرفة ، وأضواء العلم ، ونسعى من خلالها إلى رعاية القيم ، وإحياء الأخلاق ، ونَحذر ونُحذِّر من كل فكر هدَّام ، وعمل يسعى لتقويض المجتمع ، وبثِّ سموم الخلاف ، والاختلاف ، والفُرقة .

ولنجعلْ تجربتَنا مع هذه الوسائل الحياتية كمجتمع تجربةً فريدة نُفيد منها ؛ ونعرف أسرارها وأسبارها ، فنكون منها في مأمن ، وتكون مشاركاتنا فيها مثمَّنة .

ماجد الوبيران>

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

5 تعليقات

  1. يوسف آل حازب

    بلا شك أن برامج التواصل ما ظهرت إلا لإيجاد التقارب بين أفراد المجتمع وأخص به ( المجتمع الغربي) الذي يغلب عليه التفكك الأسري فالابن أو البنت تنتهي علاقتهما بمحيطهما العائلي عند بلوغ سن الثامنة عشرة.
    ولأنها مجتمعات مادية تلزم الجميع بأن يؤمن احتياجاته من عمله بعد إسقاط حقه في النفقة من والديه يبتعد الأبناء عن والديهم طلبا للمال في جفاء لذويهم وتصبح لقاءاتهم سنوية في أعياد ميلادهم أو رأس السنة الميلادية.
    ومن هنا ظهرت هذه البرامج لسد ذلك الفراغ العاطفي. ولو كان شكليا فيه الكثير من التماهي مع الحقوق على كلا الطرفين ( الأباء والأمهات) و( أبنائهم وبناتهم).

    لكن المجتمع الإسلامي الذي يؤسس لبناء علاقة متينة بين الأباء والأمهات وبقية الأصول وبين الأبناء وبقية الفروع تجعل من وسائل التواصل جزءا يسيرا من العلاقة المجتمعية. فهي تنشط بشكل مساند للعلاقة الراسخة التي يفرضها الدين في حقوق ووجبات ملزمة للجميع بتأديتها.
    فرغم التهنئة في المناسبات عبر وسائل التواصل إلا أنها لا تعوض عن اللقاء الشخصي.

    يبقى الجزء المهم في هذه الوسائل هو نشر ثقافة أنها جزء في التواصل وليست هي الوسائل الوحيدة .

  2. فهد القحطاني

    الله يخارجنا منها يا آبا محمد فرقت البيوت واشغلت الصغير والكبير ولكن هي شر لابدّ منه وشكراً لك

  3. عبدالله آل نملان

    سقى الله عهد الهاتف الثابت
    والقناتين الأولى والثانية
    كنا مرتاحين و همنا محدود
    والآن الجوالات والأقمار بقنواتها اشغلتنا وصار الهم يطاردنا ليلا ونهارا
    صرنا نشيل هم مسلسل ومسابقة وأخبار و…و….إلخ
    نسينا من مشاكل بيوتنا وأطفالنا و عائلاتنا
    ما عدنا نجتمع و نتحدث إلى بعضنا الآخر
    سقى الله عهد الهاتف الثابت والقناتين الأولى والثانية

  4. عبدالعزيز القحطاني

    الله يعطيينا خير هذه الجوالات ويكفينا شرها فعلا خذت الوقت منا وباعدت بين الناس وقل تواصلهم ابسببها نسال الله السلامه والعافيه

  5. لافضّ فوك أبا محمد،جميلٌ أن نقرأ مثل هذه المقالات لحاجة الكثير منّا لذلك.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com