هناك من بيننا من يحبون القراءة، لكنهم يقرؤون كل مقروء يقع بين أيديهم جامعين قدرًا كبيرًا من المعلومات والمعارف دون تنظيم ، أو منهجية في القراءة ، وهذا جيد ، لكنه لا يعود على الشخص بكبير فائدة إلا فيما يتعلق بالمعلومات والمعارف .
فإن كنت ممن يحبون القراءة فلا مانع من أن تقرأ كل شيء ، لكن إلى جانب ذلك وجه قراءتك إلى علم من العلوم ؛ فهذه القراءة هي التي تبني الشخصية ، وتطور الفكر .
إن الذين يوزعون أنفسهم في علوم شتى لا أراهم قادرين على الإبداع الفكري ، والتأثير في الآخرين ، فقراءتهم تلك عبارة عن مجموعة من المعلومات والمعارف اجتمعت في شخص ينقلها إليك ، وهو أقرب إلى الإمتاع منه إلى الإفادة !
رأينا ذلك في أساتذة الجامعة ، حيث بدا واضحًا مدى تأثير ذلك الأستاذ الذي ركز قراءته في علم من العلوم سواء أكان في تخصصه ، أو اختار علمًا آخر كثف قراءته فيه ، وركز عليه ، ولا يعني هذا أبدًا قصورًا في الآخرين ، بل وكما قال رالف إمرسون : ” كل انسان أصادفه لا بد أن يفوقني من ناحية ، أو أخرى ؛ ولذلك أحاول أن أتعلم منه ” .
لكن الموضوع يتركز في القراءة الابتكارية ، وهي القراءة التي تجعلك بارعًا في فنك مؤثرًا فيمن حولك قادرًا على التفكير الإبداعي ، وفتح طرق الحياة للآخرين ؛ لأنك قد وضعت لك هدفًا من هذه القراءة ، وهو هدف تطويري يصقل الشخصية ، ويعزز الموهبة ، ويجعلك ذا رأي ، وفكر ، وتأثير .
القراءة ليست هواية كما يظن البعض ويقولون ، بل هي قاعدة ثقافة ، ومنهج حياة ، ومهارة أساسية تكوِّن البعد المعرفي والإنساني والحضاري بالنسبة للفرد والجماعة .
ولذا فأنت إن أردت رسم منهجية في القراءة ، عليك أولًا بما يمكن تسميته بالقراءة الأفقية والتي ستمكنك من الاطلاع العام إلى مجالات المعرفة عامة بحيث تقرأ في هذا المجال وذاك وهكذا حتى تجد نفسك ميالًا إلى مجال معين ؛ فتركز قراءتك فيه باديًا برسم قراءة منهجية عامودية * مركزة ومكثفة ستقودك حتمًا لأن تكون متمكنًا في مجالك ، ومؤثرًا فيمن حولك ، وذلك حين تجمع بين القول والعمل ، وبين الفكرة والتنفيذ ، وبين المعرفة والنقل غير مكتفي بنقل معلومة من هنا ، وأخرى من هناك تُضِيع فيها وقتك وجهدك وربما لحق بك بعض برحائها ؛ فتكون كحاطب الليل !
قال سليمان بن موسى : ” الذي يأخذ كل ما سمع ذاك حاطب ليل ” .
ماجد محمد الوبيران>