الخائنون يكرههم الجميع

أن يطعنك أحدهم في ظهرك فهذا أمر طبيعي، لكن أن تلتفت وتجده من المنتمين إليك المستظلين تحت ظلك فهنا الكارثة. قبل يومين، كنّا على موعد مع الخيانة؛ الخيانة التي لا تغتفر ولم تنتظر، وحين نسأل عن الخيانة بمفهوم عام فلا أعتقد أن ثمة كلمات قادرة على وصفها؛ فماذا والخيانة الأخيرة تجاه «وطن».

كان أمن الدولة السعودي- وكالعادة- في الموعد وهو يطيح خلية تجسس محلية الأعضاء ومتورطة في محاولة إحداث البلبلة وإثارة الفتن والتجسس لمصلحة جهات خارجية معادية، وجملة هذه المهام التي كانت تؤديها الخلية المضبوطة تجعلنا نؤمن بأن أشد أنواع التطرف ذلك الذي يمسّ بوطن أو مواطن، وأن الخيانات الكبرى هي التي تمضي لبيع الوطن والارتماء في أحضان منظمات مشبوهة لا تريدنا أن نكون بخير، وتستميت لأن نعيش والقلق توأمين متلاصقين متلازمين.

قدّم أمن الوطن رسالة صريحة مفادها أن على كل سعودي الحذر من المندسين والمأزومين والراغبين في إنعاش مفاهيم الهدم والتخريب ونشر السموم ومحاولة ضرب الوطن في مقتل، وقد يتساءل غائب عن المشهد الدقيق بشأن الهدف الذي سعى اليه الخونة المأجورون طيلة مشوارهم المغلف بالتستر والضمائر المتلونة والقفز من مربع مظلم إلى مربع آخر، لتكون الإجابة منحصرة في أن الأهداف تتنوع والمصالح تتوزع، لكنها تصبّ جميعاً في وحل التآمر على الوطن الذي لم يكن يوماً بخيلاً على أحد، وتمضي بأسى لتهديد الأمن والاستقرار ورمي الحجارة في الطريق العريض «وطن أفضل وأكمل».

من المبهج أن تقمص الأدوار في مشاريع الخيانة وارتداء عدد من العباءات التي يخفي باطنها عكس ظاهرها هما حيلتان مكشوفتان وخائبتان مع مرور الوقت، وخطط العمل التي ترمي إلى الشر أصبحت في دوائر الكشف والضبط والتعرية ومعها سيعيش الأفراد المنغمسون في هذه الخطط بوضع حرج وخائب ومذل، ولا أشد وجعاً على الإنسان من أن ينزلق في منحدر ويقدم نفسه دمية ترمى بعد سوء استخدام. شيء فظيع ومؤلم أن يتآمر فرد على وطنه. ومستفز حد الخجل أن يظن هذا المتآمر أنه سينجح في تآمره ويعيش بعيداً من أعين الرقيب واليقظين لأمن بلدهم، لم نكن ننتظر أن يكون الخائن المتآمر من الداخل، في ظل أن ثمة ما يكفي لأداء هذا الدور من الأعداء الصريحين في الخارج، لكن الخير دوماً يأتي في منعطفات الشر، فحكاية الخيانة وقصة التآمر التي كشفها أمن الدولة ستوقظان كثيرين وتجعل الجميع يدقق جيداً في الاتجاهات الفكرية والانتماءات الحركية وستعزز أن «الوطن خطر أحمر» وعصيّ على من يحاول استهدافه، وبصوت واحد نردد أن لا مكان للخونة بيننا، ويا لصدق من قال: «أن الخيانة ليس يغسلها… من خاطئٍ دمع ولا ندمُ».

>

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com