إذا كان الشاعر العربي الأول قد جعل (القبر) و(الصدر) شيئين مختلفين، حين قال:
ونحن أناسٌ لا توسُّطَ بيننا لنا (القبرُ) دون العالمين أو (الصَّدرُ)
فإنَّ القبر يكون هو الصدر، حين يحفره إقدام الأبطال، في ميادين الشرف، دفاعًا عن وطن الهدى، تحت قيادة إمام الحق، وحامل لواء التوحيد: سلمان بن عبد العزيز.
الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم البيضاء، داخل الوطن أو على حدوده: قبورهم الطاهرة هي مقاعدهم الخالدة، ومن كان (الصدر) مجلسه، فإنه لا يُنسى ولا يُحجب ولا يَغيب، وسيكون (الصدر) الذي تبوَّأه ببطولته وإقدامه مجلس إكرام واحتفاء وتقدير لذويه وأحبابه وأهل مسقط رأسه؛ لأن الوطن هو المملكة العربية السعودية.
وبما أن التاريخ قد نقش اسم محافظة محايل في صفحة الأمجاد، ورصعها بأسماء شهدائنا، لذا فقد استحقت أن تكون صدرًا فسيحًا للكرامة، يحتفي بها الوطن، ليكرم رجاله الأوفياء، من أهل المحافظة ومن غيرها، ويكسو باالإعزاز آباءهم وأمهاتهم، وزوجاتهم وأبناءهم وبناتهم، وإخوانهم وأخواتهم، ويظلهم بالإجلال تحت قبته، ويحوطهم بالتقديم والتكريم على صدره.
ولـمَّا كانت المحطَّات الكبرى في هذه البلاد الطاهرة، ونهج هذه القيادة الأمينة، رعاها الله، هو الحريص على عدم تفويت أي فرصة مستحقة، لتجعل منها بصمةً خالدةً وعلامةً فارقةً، لم يكن لنا بد من استنهاض الهمم ليكون صدر الكرامة باقةً من الاحتفاء الشامل بالشهداء وذويهم، فاتسع فريق العمل لينبسط أمام كلِّ صادق ومخلص، وارتفعت عزيمة التحدي لتؤلف فريق عمل يعمل بتجانس، ليتألق جهدًا وتحديًا ثقافيًّا ورياضيًّا، وارتسم مشهد التفاعل في مزيج بديع، حتى استوى بستان (صدر الكرامة) أربعة عشر يومًا من الإنجاز الجماعي، فبدأ بترميم وتحديث ملعب نادي الشهيد، في مدة قياسية، ووفق المواصفات الرياضية الدولية، وسينطلق في ظل أرواح الشهداء الأبرار، بتفاعل كبير من أهل محايل: الماراثون، والدوري الرياضي التنافسي بين كل شباب منطقة عسير، التي ستختم في أثناء الاحتفال الكبير الذي سنشرف فيه باستقبال ذوي الشهداء من جميع المحافظات في المنطقة؛ ليجري تحت رعايتهم الكريمة اختيار منتخب رياضي للمنطقة من جميع الفرق الشبابية المشاركة، ولتعرض أمام أنظارهم باقات فنية منضودة من عبق محايل والمحافظات الشقيقية، بالإضافة إلى عرض جوي للصقور الأشاوس، ولتنتهي بغرس علم البلاد الخفاق، الذي جاد الشهداء بأرواحهم تحت رايته السامية، فوق أعلى قمة في محايل، ليرتفع كعادته، سامقًا بكلمة التوحيد، محفوفًا بنبض الفداء الوطني الصامد.
ولأن الاحتفاء بالعظماء الأوفياء، فقد شاركتنا من أجلهم هيئة كبار العلماء في المملكة، بكلمات صرحت بجلاء عن مدى ما لشهدائنا من إجلال، وما لذويهم من وصدارة وتقدير.
وبما أن لكل صدرٍ عظيمٍ وسامًا، حرصنا على ترصيع صدر الكرامة بوسامٍ عريق؛ فاتجهت أنظارنا نحو شاعر الوطن، أخي الأمير بدر بن عبد المحسن، ليبوح بحبِّه الكبير، لوطنه الأثير في عسير، مع مشرق شمس الوفاء في صدر الكرامة، ليشهد معنا ميلاد ذكرى الشهداء التي لن تغيب.
تركي بن طلال بن عبد العزيز
أمير منطقة عسير>