التعديل الوزاري الهاديء
————–
الكل يفرح برياح التغيير ويتفاءل بأي قادم على كرسي وزاري أو قيادي، نحن نرمي الآمال والطموحات والتطلعات على طاولة القادم الجديد، لأن النتائج ناقصة الأضلاع أو تحتاج إلى زمن وأحياناً نتحدث أنها أصبحت في خانة المستحيل لفقدان الأمل من فعل ماض، كلنا مقتنعون بأهمية التغيير، ونؤمن تماماً بأنه دلالة كبيرة على أن المكان لمن يعطي أكثر، وفيه ضخ للدماء الجديدة إلى القلب النابض ذاته، ولولا التغيير لما كان لأي مغادر قديم أو عملاق أن يكون على مقعد التحدي والتشريف، ويجلس أمام مطالبات لا تتوقف ولا تعترف إلا بالتكليف الكبير، والأجمل في قرارات التغيير أن يتناوب أبناء الوطن المسؤوليات ويتصدون للمهمات والأدوار، ويتحملون سيل الأسئلة التي يمارسها ويبحث عن إجاباتها مجتمعنا الضاغط والساخن، مؤمن تماماً أن التغيير حياة، ومؤمن أكثر أن حياة وزاراتنا الخدمية في التغيير المحدد بأعوام منطقية بعيدة عن جدلية التوقع ومأساة انتظار المغادرة.
التعديل والتغيير الإداري الوزاري الجديد شمل ثمان حقائب، بعضها كان ساخناً لزمن بفعل قرارات التكليف الموقت، وبعضها الآخر كان يحتاج التغيير إلى حساسية طول البقاء بلا رضا متصاعد، مجتمعنا بسخونته وحساسية إرضائه تنتظر منه كمية من المعاتبة، وشيئاً من عدم الرضا تجاه أي مسؤول يدخل معه في دوائر الاختلاف المنطقية والتضارب الوجيه بوجهات النظر، لكن ذلك سرعان ما يذوب وينتهي مع الضيف العزيز «تغيير».
غادر بالأمس وزراء حملوا الحقيبة الوزارية وكراسي المسؤولية لأعوام ماضية، ليأتي مكانهم وزراء جدد بقدر مرتفع من الحماسة والجدية والإحساس بالحمل الثقيل والرغبة في ملء المكان ثقلاً وحضوراً، يغادر الأولون وهم سابقون في الإسهام والمشاركة والجهد الوطني، ومنتصرون في التوقيت ذاته بوهج الحقيبة والسجل التاريخي لها، إنما ينتظر المواطن دوماً من يحدث التغيير إذا ما آمنا أن عطاء المسؤول الخَدَمِي يتناقص متى ما تجاوز الحد المنطقي للبقاء، ولكل طرح استثناء!
التكليف الجديد ليس انتصاراً بقدر ما هو عبء كبير وأمانة ثقيلة ملقاة على العاتق، وعلى القادمين الجدد لحمل الحقائب الممتلئة بالملفات المعقدة أو المنسية أن يهربوا جيداً من أن تكون خطوتهم الأولى حزمة من الوعود والتصريحات التي تأتي في توقيت صالح لكل شيء إلا «النسيان»، الذكاء يكمن في الاقتراب بحكمة وواقعية وهدوء من الحاجات المتنوعة وملامسة الواقع بلا تطبيل وأضواء زائدة عن المعدل الطبيعي، كي لا تصبح بوابات الأسئلة وعلامات الاستفهام مفتوحة على مصراعيها! ننتظر منهم تحقيق ما عجز عنه السابقون، ومسح أية صورة ضبابية ومهزوزة وغير واضحة التصقت بمسؤوليات وزاراتهم الثمان.
تبقى الكراسي ثابتة، إنما سيطاول التغيير من عليها قطعاً، وربما يطاولهم التدوير، التغيير بفعل السن والزمن والتشبع وإتاحة الفرصة وتجديد الروح، والتدوير لحل المعضلات الطارئة وتجاوز الأزمات الموقتة، وللحق حفظنا – هذه المرة – الأسماء عن حب وتفاؤل وعاطفة بحتة، إلا أن ما بين يديهم من تحديات وخطط عمل لن يكون أسهل من أية مهمة سابقة، ويبقى المستقبل أدق من يرسم الصورة الدقيقة والحرجة لكل ضيف جديد أتى بسيرة ذاتية ذهبية إلى طاولات مضيئة بما فيها الكفاية، لكنها منهكة ومزعجة أكثر وأكثر!>
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …