قدر السعودية أن تكون بيت العرب الأول، وقدرها أن تجمع ولا تفرق، وتبارك كل مشروع خير. فالمملكة عاصمة المصالحات والمحبة قد جمعت القيادات المختلفة للوصول إلى حلول مقبولة من جميع الأطراف. صنعت اتفاق الطائف بين اللبنانيين، واتفاق مكة بين الأفغان، وبين القيادة الفلسطينية وحماس، وبين أثيوبيا وأرتيريا، وبين الهند وباكستان في قضية كشمير. وبعد طلب تقدم به الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لإيقاف النفوذ الإيراني المتزايد في اليمن والمتمثل في جماعة الحوثيين الذين بدأوا هجوماً واسعاً على المحافظات الجنوبية، وأصبحوا على وشك الاستيلاء على مدينة عدن قامت عاصفة الحزم” في الفترة الأولى (بين 25 مارس و21 أبريل عام 2015) ثم أطلقت على العمليات اللاحقة لـ21 أبريل 2015 اسم “عملية إعادة الأمل”. واليوم بعدما عرفت الأطياف السياسية في اليمن ضرورة القيام بدورها والتصدي لمسؤوليتها التاريخية، جاء اتفاق الرياض. وقد سبق مراسم التوقيع على اتفاق الرياض، أن التقى بعض أعضاء الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في المملكة العربية السعودية من 20/ 8/ 2019م إلى24 / 10 / 2019م، استجابة لدعوة المملكة للحوار لمناقشة الخلافات وتغليب الحكمة والحوار، ونبذ الفرقة ووقف الفتنة، وتوحيد الصف. وتمت مراسم التوقيع على اتفاق الرياض، بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.وقد قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: “حققنا الكثير لأمن اليمن والمنطقة وسنواصل السعي لتحقيق تطلعات الشعب اليمني” حقاً إن المملكة تلتزم بما يجب، وإن من بدأ المكارم فليتمها.. إن وقف إطلاق النار خطوة إلی الأمام، وصورة إلى توفير أرضية ملائمة للحوار بین الأحزاب والأطراف الیمنیة من أجل تشكیل حكومة موسعة تعمل على تحسين الأوضاع في اليمن. ، إن اجتماع اليمنيين وأشقائهم على أن الحوار هو الطريق الوحيد لخروج اليمن من مآزقه الحالي.. هذه الاتفاقية شهدت تأييداً عالمياً أشاد به الرئيس الأميركي ترامب الذي قال في تغريدته على موقع “تويتر”، إن الاتفاق بداية جيدة جداً، داعياً كافة الأطراف إلى العمل لبلوغ تسوية شاملة. وقالت الخارجية البريطانية في بيان لها: “ترحب الحكومة البريطانية بتوقيع وثيقة اتفاق الرياض بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وتؤيد هذه الوثيقة باعتبارها خطوة مهمة للوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن”. وثمّن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث الدعم السعودي من أجل حل الأزمة اليمنية.. وقد رحبت جامعة الدول العربية بتوقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، مؤكدة أن الاتفاق يُعدّ خطوة مهمة للحفاظ على تكامل التراب اليمني، وللحيلولة دون انزلاق البلد نحو المزيد من الانقسام والتفكك.إن ومن أوائل بشائر اتفاق الرياض عودة السفارة السعودية لليمن، ورفع مستوى مكتب البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في عدن من فرع إلى مركز رئيسي وهنا نسجل الدور البطولي لجنود المملكة العربية السعودية البواسل الذين يقدمون التضحيات ويسطرون البطولات بجانب أشقائهم من قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن للحفاظ على مقدرات الشعب اليمني وحكومته الشرعية ضد الميليشيات الانقلابية، مستذكرين كل من ضحوا بحياتهم من أجل المساهمة في حفظ وصنع السلام في أرجاء العالم.. من اتفاقالطائف في 1989 وحتى اتفاقالرياض في 2019، ثلاثون عاماً من صنع السلام عبر السعودية. لم تكن الرياض يوماً عامل هدم، بل عامل بناء.
د. علي يحيى السرحاني
جامعة الملك سعود الصحية
google.net2@hotmail.com>