الملاك الأسود الذي بداخلي

بقلم – أزهار أحمد
هنا بدأ كل هذا الأمر هنا حيث أقف وحيدة في مدرستي الإبتدائية التي عدت لها بعد مرور 32 عام عدت لها لأقول لنفسي أولا ثم لهذا المكان ها أنا وصلت لنجاحي الذي أطمح له ولم استسلم إلى ما عانيت منه في الماضي ها أنا أقف على أعلى قمة من نجاحي وليس لأحد منكم الفضل
لم تكونوا تعلموا بل كان الأمر وكأنه إنتقام لأنفسكم من حياتكم البأسة التي لم تتخطوها إالا بالعنف ضد الضعيف أو التنمر على من هم أصغر منك في السن وكسر كل جرآءة في جسدة وروحة سأعود بك أيها القارئ الكريم إلى الماضي ماضي أنا المليئ بكل صعوبات الحياة التي مرت علي
لا أستطيع تصديق نفسي الآن عندما أذكرها بما مررت به من عنف نفسي وجسدي عندما كنت في مراحل دراستي وعمري وأقول لها لماذا لم تكوني بهذة القوة والجرأة للدفاع عن نفسك ضد التنمر ؟ لماذا لم تستطيعي ردع الظلم الذي تمرين به ؟ كل ما أتذكرة أنني كنت طفلة انطوائية
ليس بسبب أنها شخصيتي الأصلية لكنها فرضت علي بالقوة والشدة فلا أستطيع أخذ حقي مهما حاولت إنني أشعر بالإختناق والغثيان والرعب وأنا أكتب هذة السطور أحس بالبرودة في عروقي لا أبالغ في هذا الأمر أبدا عندما أدخلني والدي المدرسة كنت أبكي رعبا مما سيواجهني
ستقولوا كل الأطفال يبكون في أول يوم لكن يقال أن الأطفال يعرفوا ما في قلوب الأخرين من حقد لذلك لا يحبوا أيا كان دخلت المدرسة ولم أدرس إلا الصف الأول الإبتدائي فقبل نهاية السنة تعرضت لحادث اصطدام سيارة أدى إلى كسر في عظمة الفخذ وايضا انفجار في الطحال
ودخولي إلى المستشفى لمدة عام كامل كل هذا وانا بعمر السابعة أدى غيابي عن المدرسة كل تلك الفترة لخروج الكثير من الشائعات بين الطالبات لاأعرف ما انتشر بينهم حتى يسعوا إلى الإبتعاد عني وعدم مخالطتي حتى مات شيء بداخلي لم أستطيع العثور عليه إلى الأن وظهر
بعد ذلك شخصية دائمة التلعثم لا تستطيع مواجهة أحد أبدا حتى لو كان ما تمر به ظلم وايضاً كتومة لا تبوح بكل ما تحس به ربما تتسألوا لماذا لم أبحث عن من يساعدني ؟ سأجيبكم بأنني لم أجد الأمان عند أحد حتى أمي وأبي فهم مشغولين بمشاكلهم كنت أتعرض للضرب من المعلمات
والكلام الجارح من الطالبات في المدرسة وأعود إلى البيت ليكمل أبي علي الضرب حتى أفهم لماذا 1+1=2 ؟ أو لماذا يتحول الماء إلى بخار ؟ ثم أجمع كتبي مع شتات نفسي لأذهب إلى النوم لأصحو اليوم التالي لأذهب للمدرسة بعد معركة بكاء صباحية لا تنتهي لأواجهة مصاعبي مرة أخرى
كانت تعلمني معلمة للرياضيات لا تمر حصة لها إلا وهي تعاقبني أشد العقاب مرة لأني لم أحل واجب الرياضيات بطريقتها أو لعدم معرفتي لرسم الدائرة أو لعدم إحضار قلمي الرصاص على الرغم أنني أفعل ما تقول لكن إذا لم تلقى علي شيء توقفني طوال الحصة وايضا معلمة عربي فهي لم تراعي صغر سني فعدد العقاب الذي اتلقاه من غير سبب واضح انا لا أبالغ وأيضا معلمة القران التي تضربني على نسيان فتحة أو ضمة على حرف ولم أتخرج من الإبتدائية إلا وأنا جسد بلا روح  مرة الإجازة وأنا لا أعلم مالذي حدث فيها وبما أننا في حي سكن واحد  فقد إنتقل كل من درس معي
في الإبتدائي إلى المتوسط لأواجة ثلاث سنوات أخرى من التنمر والإشاعات آآآآه من الألم الذي يعتصرني الآن أكتب هذا الكلام ويدي ترتعش من قوة الألم في قلبي المرحلة المتوسطة كانت بدايتها هادئة وقد كان الهدوء ما قبل العاصفة  كنت في ذلك اليوم لا أريد الذهاب المدرسة شيء في قلبي يقول لا تذهبي لكني لم استمع لهذا الصوت ذهبت ومر وقت الطابور بسرعة ولم أعلم ما يحاك لي في القلوب دخلت للفصل وكان هناك امراءة تقف عند باب الفصل لم أرتاح لنظراتها أبدا لكني عرفتها بعد ما قالت إحدى الطالبات أنها والدتها وقد أحضرتها لتطلب من معلمة الفصل نقلي من جانبها
لم أعرف السبب وقتها وإلى الآن فتأخرت المعلمة وذهبت الأم فلم تصبر الطالبة فقامت بطردي من جانبها وأحضرت صديقتها لتجلس مكاني فأخذت حقيبتي لأجلس في المكان الفارغ فما كان منهم إلا مهاجمتي لم يكن من هاجمني بالكلام الجارح طالبة أو اثنتين بل الفصل كله  وقفت في زاوية الفصل
لم أعلم ما أفعل من الصدمة التي أنا فيها فخرجت من الفصل لا أدري إلى أين أذهب لكني اتجهت إلى دورات المياة وحبست نفسي هناك وأنا قلبي يكاد أن ينفجر من البكاء والألم لا أستطيع تذكر كم من الوقت مضى حتى عدت إلى الفصل فقد توقف الوقت عندي في ذلك اليوم أتذكر أنه أصابني هذا الموقف بألم في قلبي استمر معي إلى الآن صارت حياتي متكررة أذهب إلى المدرسة لتداس كرامتي وأعود إلى البيت لأطرح جسدي المجهد على فراشي لأنام إلى اليوم الثاني أصابتني  عدم المبالاة الحادثة حدثت في أولى متوسط نجحت وانتقلت إلى الثاني متوسط وأنا كلي أمل أن يتغير حالي
لكن للأسف لم يتغير فقد استمرت الإشاعات عني والضرب بسبب او دون سبب أتذكر أنني تعرضت للضرب من معلمة العربي بدفتر من مائة ورقة على رأسي لأنني لم أستطيع قراءة كلمة كانت صعبة علي استمر رأسي بالدوران طوال الدوام حياتي صعبة لكني على الرغم ما واجهت من صعاب
إلا أن هناك شيء في داخلي مازال يجاهد ليظهر للحياة وإحساسي أنه سوف يطمسني من الوجود لو ظهر أسميته فيما بعد بالملاك لكنه متشح بالسواد لأنني حزينة وقلبي لم يلتئم جرحة الملاك يدفي قلبي بين الحين والأخر دموعي تنزل ومع ذلك في داخلي دفء لم أستطيع تفسيرة قررت إعتزال الطالبات
فأتجهت لقراءة الكتب و وجدت في المدرسة مكان سري  لا أحد يتواجد فيه أبدا من الطالبات وحتى المعلمات وكانت الكتب ملاذي لا يوجد غيرها قرأت في كل المجالات لكن أكثر ما كان يشدني القصص والروايات وكتب التاريخ استمر التنمر والضرب لم يتوقف لكن تغير شيء في داخلي
هذا التغيير حصل على الفصل الثاني من الصف الثاني دخلت الإختبارات وأنا واثقة لأول مره من النجاح وفعلا نجحت بتقدير جيد جدا انتقلت إلى الصف الثالث وقد كبر الملاك الذي في داخلي لكنه مازال أسود لأنه من الصعب أن يشفى ما في قلبي في يوم وليلة  خف الضرب من قبل المعلمات
وأيضا بسبب اعتزالي الطالبات لم أتعرض للكلام الجارح كثيرا صحيح أنها لم تتوقف الشائعات لكني أصبحت أستطيع مواجهتها ولله الحمد لم أتوقف عن القرآءة حتى أنني أجمع مصروفي اليومي وأذهب نهاية الأسبوع إلى أحد الأسواق لشراء الكتب فقد كانوا يبيعونها بريال واحد حتى لو كان مجلد كبير
أقرأ في اليوم ثلاث كتب وهذا زاد معلوماتي وأدى إلى تفوقي في بعض المواد لكني لما أستطيع على الرياضيات فعدت سنة ثالث متوسط لما أخذت ورقة رسوبي عدت للبيت ونمت بعمق لاأتذكر أنني نمت مثله أبدا وكانت اختبارات الدور الثاني قبل بداية الدراسة بأسبوع ذاكرت كثيرا لكن بما أنني لم أفهم المادة
دخلت الإختبار وجلست خمس دقايق سجلت فيها اسمي وخرجت فعدت سنة ثالث مرة أخرى لكني هذي المرة أختفى الخوف مني وكنت أحس بالدعم من ملاكي الصغير أشعر بوجودة بجانبي دخلت المدرسة بنفسية جديدة متغيرة بشكل إيجابي أغرقت نفسي في الكتب والدراسة تغيروا الطالبات وجاء جدد لكن لم تتغير
النظرات أو المعاملة لكن تغيروا معلماتي لذلك صار أدائي الدراسي أفضل لدرجة تم تكريمي في الطابور الصباحي على تفوقي في جميع المواد وخاصة الرياضيات وحاولت الإندماج مع الطالبات لكن بحذر حتى لا تنفتح جروحي مرة أخرى وبدأت ضحكتي تعود بالتدريج والحمدلله نجحت في الفصل الأول بتفوق
وجاء الفصل الثاني وأنا أفكر مالذي سأفعلة ؟ هل سأخرج من المتوسط للثانوي لأواجة ثلاث سنوات أخرى من الدراسة مع نفس الطالبات ؟ فقررت أبحث عن مجال آخر لكني لا أعلم أين أذهب ؟ في يوم من الأيام الدراسة نزلت مديرة المدرسة في وقت الفسحة على غير العادة وأعلنت عن فتح معهد مهني
قريب منا وأن شهادته تعادل الثانوي وأنه يوجد رحله للفرع الأول منه بعد أيام فقلت جاء الفرج ذهبت واستلمت ورقة وأخذتها إلى البيت وأنا أحملها كأنها خريطة كنز تمت الموافقة على الرحله من قبل الوالد وأنا في أشد فرحي فذهبت إلى المدرسة وأنا لأول مره روحي تسبقني لها دخلت وسلمت ورقتي وأنا أنتظر
يوم الرحلة بفارغ الصبر جاء اليوم الموعود وتم تجميعنا في الساحة حتى تأتي الحافلة وخرجت من المدرسة متوكلة على ربي وكلي أمل أن أجد غايتي في هذة الرحلة ودخلت المعهد لا أتذكر الكثير من ما رأيت لكن أقول لكم أن ما رأيته جعلني أحسم أمري لدخول المعهد بأي ثمن عدنا للمدرسة بعد الرحلة لحضور
الحصة الأخيرة  قبل خروجنا للبيوت فذهبت إلى الإدارة لأسأل عن موعد التسجيل في المعهد فقالت لي المديرة لم يأتينا أي خبر وإذا أتى سوف أعلن عنه ذهبت إلى البيت وأخبرت أمي بما رأيت وأيضا قراري فوافقتني عليه لأنها تحب مثل هذة الأعمال ولم يمر الكثير وقبل الإختبارات النهائية وصلت معلومات التسجيل
فأعلنوها في الطابور فلم أنتظر لأسمع باقي الإعلان واتجهت للإدارة لأخذ التواريخ بالضبط فلما وصلت اكتشفت أنني لم أحمل ورقة فما كان مني إلا إخراج ريال من جيبي للكتابة عليه فقالت المديرة لي خذي ورقة فأجبتها أن الورقة تضيع لكن الريال لن يضيع فاحتفظت بالريال لسنوات معي حتى اضطررت إلى انفاقة سأقول لكم في ماذا فيما بعد
ذهبت إلى البيت وأنا عازمة على  النجاح مهما كلفني الأمر فجمعت كل كتبي وبدأت في تلخيصها حتى تسهل علي سهرت الليالي لأجل هذا النجاح ولله الحمد نجحت بتفوق وبدأت رحلتي للتسجيل في المعهد وكان التسجيل صعب نوعا ما فقد كان عبارة عن مقابلة شخصية مع اختبار ورقي وايضا ملفي الأصل يذهب للثانوي
ونسخة منه أسجل به في المعهد فكان الأمر كأنني رهنت روحي هناك فنجحت ولله الحمد دخلت المعهد بعد تعب وجهد ولكنها لم تكن الجنة التي أريد فقد واجهت أمور أصعب أعادت فتح جروحي مرة أخرى هذة المرة فقد انتقل من كان يؤذيني من الطالبات لنفس المعهد ستقولوا وماذا في ذلك ؟ سأقول لكم إنها لم تتغير النظرات
التي تجعلني في ارتباك دائم وايضا بدأت حرب أخرى في المنزل لمحاولة إخراجي من المعهد فقد كان أبي يتأثر بكلام الأغراب نعم كون الشخص الذي أمامك عمك أو خالك لا يجعله ذلك قريب ليتحكم في حياتك صارت حياتي ليست هادئة فعند كل طلب يحدث معركة من الصراخ ألا منتهي حتى لو حضر المال فكنت أواجه الحرب
في كل جبهة وحيد أحس أنني سأسقط  من الألم لكني ثبت أقدامي بمسامير من العزم أذهب إلى المعهد لأجد الطلبات والواجبات التي لا تنتهي وكل معلمة تريد عملها اليوم الثاني يسلم المعهد مهني لذلك دراسته تختلف عن الدراسة العامة كل مادة لها أعمالها ومشاريعها واجهت صعوبات مع الرياضيات والكيمياء ايضا فلم أفهمها
مر الصف الأول بعد أن جف دمعي واكتسح قلبي السواد فلم يعد الملاك الذي بداخلي يؤثر بي اجتزتها بعد إعادة الإختبار في إحدى المواد وقد كانت الإجازة الصيفية من أسوء الإجازات فقد قضيتها على فراشي لا أتذكر أني تحركت كثيرا بدون أكل أو شرب لمدة ثلاث شهور أتذكر أنني وجدت صعوبة في التحرك والخروج لشراء
أدوات المدرسة مع بداية العام الجديد دخلت المدرسة وأنا أجر أقدامي المثقلة قابلت بعض الطالبات لا أستطيع تذكرهم  فقد كنت أرى رؤوس سوداء على أجسام ولا أسمع كلامهم بدأت أمور من حولي تحاك ولا أعرف لماذا؟ كأن تدخل معلمة وتمزق عملي وأنا في حصتها بحجة أنه خطاء من غير توضيح ما هو خطئي أو أنها تعزلني
في آخر الفصل وتمنعني من التواصل مع الآخرين وتأتي تقول أنظري كم أحبك وأريد لك التركيز لكن هل في كل حصة أشعر بالإرهاق الشديد حدثت أمور كثيرة لي لم أستطيع تفسيرها كأن تأتي المعلمة بعد إنتهائي من مشروعي وتمزقه بلا سبب مقنع أحسست بأن قلبي تمزق فأصبت بألم في قلبي أشد من ألمي في حادثة المتوسط
وعدت إلى البيت وأنا أحس بتعب شديد ولم أستطيع الذهاب إلى المدرسة ومع إزدياد الألم ذهبت للمستشفى ليخبروني أن ضغط دمي مرتفع إرتفاع حاد لم أجتاز المرحلة بسبب مادة الكيمياء ويوم ذهابي إلى المعهد لأخذ نتيجتي تفاجأت أن أبي ينتظرني هو وأمي فقد قرر إخراجي من المعهد بسبب تأثير الجاهلين من أقربائي دخلت المدرسة
مع أمي واتجهت للإدارة لأعرف النتيجة فخرجت المعلمة فأخبرتني بأنني لم أتجاوز المرحلة الثانية من الثانوي سقط قلبي قبل أن أسقط أنا على الأرض فأخبرتهم برغبة والدي فتم رفض طلبه من الإدارة فتدخلت مشرفة ومنعت هذا الأمر وقالت لأمي أخبرية أن هذا الأمر ممنوع وأنا في شدة حزني اقتربت وكيلة المدرسة وقالت لن ينفعك أحد
إذا أصبت بمرض مزمن مثل السكري أو الضغط وأنها نادمة على ضغطها على إبنتها التي أصيبت بالسكري ليتني سمعت كلامها في ذلك الوقت وقالت لي لو غيرك أتت وطلبت ملفها لأعطيتها من غير تردد لم أصدقها وقتها وخرجت أمي قبلي حتى تقول لأبي ما حدث فلم يتكلم معي بعدها في دراستي عدت إلى البيت وحبست نفسي داخلها لم أكلم
أحد إلى اليوم الثاني بعدها قررت مواجهة حياتي بكل صرامة و أول من واجهت كان أبي فقد تكلمت معه بكل احترام أن يبعد عن فكرة أن أترك تعليمي  لأجل الجاهلين فلن استسلم لهم وأنه لا يهتم بمصروفي أو طلباتي فأنني سوف أتدبر أمري بالمكافئة الشهرية التي أخذها من المعهد خرجت متجهة إلى غرفتي أخذت ورقة وكتبت عليها لن استسلم
هذي كانت رسالة لنفسي جاء العام الجديد وأنا على حالي فقلبي مازال يؤلمني في أول يوم دراسي قابلت إحدى الطالبات التي نجحت بعد إعادة مادة الكيمياء معي فقالت لي أن وكيلة المدرسة كلمت والدتها إن كانت ترغب في سحب ملفها فلن تمانع فصدقت ذلك الوقت أن الوكيلة ترى في مالم تراه في بقيت الطالبات مر ذلك العام سريعا فلا أتذكر كثير
من الأحداث فقد كنت في عالم آخر وكأني في حلم دخلت الإختبارات واجتزتها ولله الحمد أذكر أنني استلمت شهادتي وجلست في الساحة وبكيت بكاء شديد لكنه هذة المرة بكاء فرحة ةراحة خرجت من المدرسة إلى البيت إلى غرفة أبي وضعت شهادتي بين يدية وخرجت كانت إجازتي عبارة عن ترميم نفسي المرهقة وبدأ ملاكي الصغير يظهر ثانية
لكنه ضعيف  مرة الإجازة زكانت ما بين قراءة وبعض الضغوط دخل العام الجديد وأصبحت في الثالث الثانوي وكان فيه الإختيار مابين دراسة ملابس ونسيج وبالتالي أصبح مصممة أزياء أو تدبير منزلي وأصبح شيف فأخترت ملابس ونسيج لأني رأيت أن الطبخ يستطيع الإنسان تعلمة بالفطرة لكن هل تعتقدوا أن يحترم رأيي ؟ من أول يوم دراسي تم
استدعائي إلى الإدارة ليتم مناقشتي على إختاري وكأنني لست مؤهلة للإختيار وتحججوا بذلك أن درجاتي في هذا القسم في السنة التي قبلها لا تبشر بخير رفضت عرضهم بتغيير القسم فتم الحكم علي بالفشل لم يمر يوم حتى تعرضت للمضايقات بسبب هذا الحكم فهم يريدوا أن يكونوا على صح وكأني أخترت طريق الجحيم وليس طريق مستقبلي ولم يمر إلا  كم أسبوع حتى جاءت معلمة تقول لي قبل حصتها وقالت لي أنه تم توقيع ورقة من قبل كل معلماتي وأرسلوها للمديرة يقولوا فيها أنني لا أنفع للقسم جاء الخبر مثل الصاعقة على قلبي لم أتحمل فذهبت إلى دورات المياة وانفجرت بالبكاء فأنا لا أستطيع مواجهت المعلمات كلهم وأنا كنت في ذلك الوقت أمر صعب وهي إصابت والدي بالجلطة في الدماغ بسبب إرتفاع
حاد في السكري وأمي معه في المستشفى يعني مشاكلي  لن يسمعها أحد فاحتفظت بها لنفسي فبعد ضغط طويل وافقت على طلبهم مرغمة لكن جاء الرفض من المديرة فقلت الحمدلله كملت في القسم الذي أريد وتخرجت بعد معاناة مع سنوات دراسية كانت بالنسبة لي حرب لا نهاية لها أخذت ملفي وخرجت مع أمي ونحن في الطريق قالت لا تفكري في الجامعة ساعديني
في أخوانك ابحثي عن وظيفة  قلت لها دعينا نمر على البقال تتذكروا الريال الذي سجلت فيه مواعيد الدخول إلى المعهد هو الذي اشتريت به شوكولاته لأحتفل بتخرجي من الثانوي لم ادرك انه هو إلا عندما أخرجته من محفظتي وأكلتها وأنا في طريقي إلى البيت أحس بالفرح داخلي والسلام وصلت إلى البيت ورميت نفسي على السرير ونمت بعمق لا أدري كم جلست نائمة
لكني أحسست بتعب السنين تسحب من جسدي المتهالك  لم أفكر في نفسي في تلك الإجازة كثيرا فقد كنت مشغولة في التجهيز لزواج أختي ومع إزدياد مرض الوالد زادت مسؤولياتي في البيت عاد الملاك الأسود لكنه هذي المرة سيطر علي سيطرة كاملة فقد تحولت حياتي للسواد أحس بثقل الجبال على قلبي ولم أعد أخرج من غرفتي أبدا فقد أصبحت حياتي عبارة عن نوم متواصل ولا أشرب إلا
مشروب غازي ستة علب يوميا ولا أبالي بصحتي جلست على هذا الحال ستة أشهر متواصلة لم أعد أرى النور في حياتي دخلت أمي لتخبرني بحمل أختي فدب الفرح في قلبي وأحسست بالإنتعاش وأنا من محبي الأطفال جدا نهضت من سريري ونفضت الكسل وقمت بتنظيف غرفتي وبدأت أخرج من غرفتي ,اغير من مكاني لكن الإحساس واحد لم يتغير بعد فترة أصيب الوالد بالفشل الكلوي والذي
أدى لوفاته رحمة الله أصبت بصدمة كبيرة لم أشفى منها إلى الآن كانت أصعب ما واجهت فقد مرضت مرض شديد لم أستطيع الوقوف منه لمدة أسبوعين لم أبكي بعدها لمدة خمس سنوات فقد تحجر دمعي وكنت خائفة تسقط دمعتي فيسقط عزم البيت لا أدري لكن كانوا أخوتي وأمي يعتمدوا علي حتى لو لم يقولوا ذلك فقد كنت مثل الجبل دونهم حزني مازال في قلبي لكن الحياة يجب أن تمضي تقدمت
لوظيفة مؤقتة في إحدى المدارس القريبة من بيتي لمدة سنة كاملة عملت بكل جهد وأمانة راتبها كان 800 ريال فقط  عند عودتي إلى البيت أخبرتني أمي أن خالي طلب منا الإنتقال عنده في الجنوب فوافقت من غير تردد لأنني مؤمنة أن التغيير يحتاج منا التحرك تركت كل شيء خلفي وفتحت صفحة جديدة لحياتي بعد إنتقالنا جلست تمانية سنوات لأتعرف على نفسي الجديدة ومكاني ايضا فلم أكن أعرف
أحد أبدا فكان أول خروج لي لحضور دورة للحاسب الآلي وبعدها دورة في السكرتارية وبعدها بدأت أشتغل على الصوف وقد كنت أحب الأعمال اليدوية وبعد بيع ما أنتجته ما كسبته ذهبت به إلى جمعية رأفة للأيتام فقدمته كهدية لهم وتم إعطائي بطاقة العمل لديهم والتي عن طريقها التعرف على أفضل فريق تطوعي  وهو فريق أيان التطوعي الذي فتح لي مجالات كثيرة فيالتعرف على الناس هنا
عملت معهم لمدة ثلاث سنوات عرفت فيها نفسي وتعرفت على معنى العطاء الحقيقي ومنه تعرفت على فريق تطوعي آخر وهو فريق مشاة بيشة النسائي والذي ساعدني على تخطي وزني الذي أكتسبته من الجلوس الكثير والنوم ومنها بدأت ألقي الدورات عن نجاحي في بعض الإنجازات في حياتي وأيضا تعرفت على فريق أنفنتي آرت الذي اكتشفت معهم موهبة التصوير تعلمت منهم المثابرة والنجاح وأن
وقوفك مع المحتاج رزق لك وليس تفضل منك الآن أنا في قمة سعادتي ما حدث في حياتي جعلني أسئل نفسي كثيرا هل كان لحياتي معنى ؟ هل ما أصابني في حياتي تجهيز لهذه الأيام المريحة بالنسبة لي ؟ أنا الآن أكتب هذه السطور بعد تجاوزي لكل مامررت به من مصاعب وأنا في تسامح كامل لنفسي ولمن حولي من الناس وحتى من أذاني في يوم من الأيام اقول له لم تعد تهمني حتى أنني لم أعد أتذكر من أنت
,اما عن الملاك الذي بداخلي فقد غادر بطريقة مؤلمة لي ولم يعد أبدا وأحمد الله على ذلك  أرجوا من يقرأ هذا الكتاب أن لا يجعل من حياة الآخرين جحيم أو ينتقم من حياته البائسة في أطفاله ألأن أنا مصابة بالسكري وكل يوم في حياتي هو أمل جديد وأعيش يومي كأني في فرح دائم لا أريد لأحد الحزن ولا أريد أن يصاب أحد بالإكتئاب لأسباب تافهة .

>

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com