بقلم: إبراهيم العسكري
منهجنا كمسلمين القرآن الكريم وآدابه كما وجهنا رسول البشرية بتربية وآداب عظيمة ثم تبعه خلفاءه الراشدين ومن تبعهم باحسان أجمعين فهناك قول مأثور عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال: رحم الله من أهدى لي عيوبي.
قبل عشرين عامآ تلقيت درسآ عظيمآ في التربيه بموقف لم يتجاوز بضع دقائق أدى ذلك لتغيير جذري في سلوكي ونقله نوعيه في التربيه والتعليم بالنسبة لي.!!
الدرس لم اتعلمه من خلال مسيرتي التعليميه أو حتى الحياتية فقد تلقيته من المعلم بطريقة احترافية حينما أتى يعطيني كدرسآ خصوصيآ في عقر داري.
فكان موجهآ فاضلآ بالفعل صدقني القول ووجهني للصواب..!
رغم قساوة النهج والأسلوب لإيصال فكرة الرسالة المنهجيه بطريقته الخاصة التي يملأها فيض الغيض والعتب مع المصداقية الاانها كانت رسالة موجهة في الصميم وربما نسفت جزء من الجبهة..!
بلا شك استفد بمنهجيتها درسآ قاسيآ وندمآ لن انساه ما حييت..!
كان الدرس حينما سكنت بيتي العلوي الجديد الذي حرصت على تنظيمه وتأثيثه بكل ما أوتيت من الجهد والمال والأستدانه بقروض اخويه ومعارفيه وبنكيه طويلة الأجل..!
أتاني عديلي برفقة عائلته زوجته اخت زوجتي وأبناءه يحملون هديه قيمه ليباركون لنا بالسكن والمنزل الجديد..!!
بالفعل رحبنا بهم أجمل ترحيب وادخلنا الرجل مجلس الرجال الذي كنت في حينه اتباها بالبيت وبالمجلس جهلآ مني وغرور وربما طيش متأخر للأربعيني المسكين فاثاثه جميل وفاخر في نظري انا بينما الواقع انه عاادي جدآ..!!
لا زلنا نرحب بمقدم الضيوف وتملأ وجهي الابتسامة العريضة بهم واريد ان يرون إبداعي في التصميم والتأثيث وإذا بأبني الوحيد من الابناء حينها احمد ذو السبع سنوات تنقص قليلآ يدخل علينا انا وعديلي في المجلس وهو يحمل دلة قهوه أكبر من طاقته بكثير..!
قلت لأبني صب القهوه وزيدوها هيل..!!
وعندما هم ابني بالصب تعثر في الفرشة الإضافية الصغيره فسقطت الدلة ارضآ بما فيها من القهوه والهيل وتعسفآ مني او سموها حماقة أن شيئتم حينما لم انظر لسلامة ابني بل عاتبته بصوت مرتفع ولم احترم حتى الضيف الذي بجواري..!!
على الفور طلبت من ابني احضار دلة أخرى ومكثنا ننظف بقايا القهوة التي سقطت على فرشة المجلس..!
حينما عاد ابني بدلة القهوة الثانيه صببت للضيف الذي كان منذ الحدث صامتآ غاضبآ ثم وقف وقال:
اقسم بجلال الله ما اشربها ولا غيرها وخرج من البيت وهو يقول:
نادوا أسرتي فليتنا لم نزوركم تبآ للفرشة وقد استحى أن يرمقني وهو في بيتي برشة مما اعطى الفرشة..!!
حاولت اللحاق به والأعتذار عما حصل ولكنه غضب وأصر على عدم العوده للبيت ومعه حق كل الحق واعترف أنني كنت حينها فاغر لأني لم احكم العقل ولا المنطق ..!!
ادركت خطأي الجسيم وعتابي النديم لأبني أمام الضيف ولكن لم يعد لي الا الأسف الشديد وعتاب النفس بهذا التصرف الأحمق..!!
خرجت بعد الموقف في سيارتي متاسفآ ولكن لا بكى ينفع ولا شكوى تفيد..!
بعد هدوء العاصفة بأشهر قمت بزيارة عديلي في بيته للأعتذار وادعوه للقيام بواجب الخطأ الذي ارتكبته أثناء حضوره لزيارتنا..!!
رحب بي أجمل ترحيب وعندما دخل ابنه الذي كان في المرحلة المتوسطة حينها بدلة القهوه فقال عديلي لأبنه اسكب القهوه على الفرشه ياولد فضحك الأبن ولم يفعل.
عندما ناولني فنجان القهوة وصب لأبيه فما كان من الأب الا ان يسكب فنجانه على الفرش في بيته طولآ وعرضآ وطلب من ابنه أن يسكب الدلة كامله الا اني قلت له كفى يا/عبدالله فقد وصلت الرسالة وانا في أشد الندم وقد فهمت الدرس في حينه..!!
رغم مرور أكثر من عقدين وقد اصبح ابني ابآ الا انني والله لا زلت أشعر بالخجل من ذلك الموقف الغير تربوي واعاتب نفسي دائمآ على ذلك التصرف فليس عقلاني..!!
دائمآ اعتذر أشد الاعتذار لأبني العزيز الغالي سمي أبي واعتذر لضيفي الغالي/عبدالله احمد حسن العاصمي واشكره من الأعماق على توجيهي نحو الصواب فلا زلت مدينآ لهما..!
يا ساده يا كرام:
التربيه هي دين ومعاملة بالتي هي أحسن ومعارف ومهارات وأخلاق وإخلاص للأبناء على وجه الخصوص.
واخيرآ..
ليسمح لي الشاعر الأمير/دائم السيف أن استعير بيتآ من قصيدته حينما قال:
ليت عقل العود في سن الشباب
وحكمة الستين في عشرينها.
دائم مبدع أبا احمد …. تعلمت درس من عشرين سنه وانا تعلمت منك دروسا قبل خمس سنوات .