على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب

بقلم: إبراهيم العسكري

واقع الحياة لجميع مخلوقات الله ومنها البشر واقعآ فسيح ومليء بالمفاجآت والأقدار التي تأتي دون استئذان ولم تكن في حسبان المخلوق فليست الأقدار مجدوله مسبقا في حسابات المتلقي لها وفي الغالب تكون المفاجآت معاكسة لاتجاه نية القصد مهما كان توخي الحيطة والحذر من متلقي الأقدار.!!

الخالق جل وعلا له الحكم في توجيه الأقدار لمخلوقاته فلا يعلمها الا هو وتجري بما يشاء وله الأمر من قبل ومن بعد وهو اللطيف
الخبير.

قال تعالى :
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ”

فنجد الحروب بين البشر وحتى الحيوانات تحصد الأرواح بما أعد لها من قوة ومن رباط وتقنيات بشرية من الطرفين..!!
قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ؛

ونجد الحوادث والكوارث بأنواعها والأمراض المختلفة والأحداث المتناقضة تهاجم بلا رحمة بشكل أو بآخر ولا يوجد أحد من المخلوقات في معزل عن كل ذلك مهما اجتهد الجميع أن يجعل للسلامة أسبابا فتبقى كل الاسباب قاصرة ولا تمنع القدر الذي أراده الله بمشيئته ..!!

سبحان من جعل الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان ونحمده دوما أن جعلنا مسلمين تحوي عقيدتنا الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره ضمن أركان الإيمان الستة..!!

لا يخلو فرد أو مجتمع إلا وله من تعرضات الأقدار الكثير والله بها عليم سواءآ كانت خيرا أم العكس فمنهم من انتهت حياته في خضم مواجهة تلك الأقدار ومنهم من بقي معافا بأمر الله ومنهم من حمل تبعات قد تكون معيقة لحكمة لا يعلمها إلا الله وحده..!!

نغفل عن الأقدار الجميلة ونتناساها الا في حضور الأقدار المؤلمة فحينما حصل ذلك الحادث المؤلم الشهر الماضي لأبني أنور رعاه الله وشافاه من كل بأس.

اسودت باعيننا كل المساحات أمامنا فمهما اجتهدنا في الثبات والصبر نبقى بشرا نتألم ونقلق عندما يتفوق ميل الحدث المؤلم على طاقاتنا كبشر مجبول بالعواطف فلا نملك مقاومة تكفي لمواجهة ما يحدث بصبر كافي وثبات فنهزم كثيرا..!!

رحمنا الله ومنّ على ابننا بالشفاء ورغم ذلك ظل ينخرني الألم الخفي ويتفنن في أذيتي بركلات متتالية وموجعة حينما أزور ابني البار فهو من كان
يشعرني بحبه العظيم واهتمامه بواقع الأبوة بشكل مختلف جدآ ولايهون إخوته.

أنتظره دومآ يحكي لي مواقف طريفة نفهمها سويا
ولا يفهمها من حولنا
بلا شك هو يمون فيمازحني حتى نضحك بالنواجذ سويآ.

بطيب سجاياه ازاح الحواجز الروتينية وآداب الثلج بين الأب والأبن فأصبحت ابادله الموانة فأتعامل معه كأخ أصغر لا كأبن بفارق سن كبير..!!

حينما أزوره في المستشفى وأراه طريح الفراش متألما يعصرني الهم وعندما يصحو يرحب بي ويطلب يدي ليقبلها رغم المرض والألم الذي لم يبرح منه..!!

كل ذلك كان يزيدني ألما لايعلمه الا الله فيثني مكابدة العاطفة في داخلي..!!

يرى الحزن في عيني فيقول ابشرك اني بخير لكن ارى الواقع يشوب القول..!!

أقدار الله مع الأيام كفيلة بلم الجراح وعودة الأمآل فمقدر الأقدار لطف بألطافه وفضله وبدأت تلتئم كل الجراح الواضحة بجسد ابني والخفية بنفوسنا كأسرة محبين لمصابنا الغالي.

الحمد لله مقدر الأقدار واللطيف بعباده فحسن الظن لم يخيب والرجاء بجنابه مديد..!!

منحنا الباري تجديد آمال الشفاء يوما بعد يوم فتذكرت أبياتا لا أدري من قائلها لكنها تحكي حالنا حينما نستشعر الفرج من الله مقدر الأقدار فأبدع شاعرها حينما قال:

أرايتَ من مرّ السحابُ بأمرهِ

هو قادرٌ يُحيِي عِظامك إن أمر

فهو الذي جعل الرذاذَ سحابةً

وهو الذي أمرَ السحابةَ فانهمر

هل فاتهُ الهمّ الذي تأسوا بهِ

والكونُ كله في مشيئتهِ انغمر

و إذا أراد الله منحك نعمةً

ما ردها أحدٌ فآمن بالقدر

سلم امورك للقدير فإنه

إن شاء أنزل بين كفيك القمر.

دعوة للكل:
اللهم اجعل قادم أقدارنا جميلة غير محزنه.

بشرى/لكل من سأل عن ابني شكرآ من الأعماق بحجم الكون كله.
وبفضل ربي ولطفه هو بخير وبدوره يشكر الجميع.

شاهد أيضاً

رحل عامر المساجد

بقلم/ عوض عبدالله البسامي مات الهدوء ومات اللين والحلم وغربت التؤدة والأناة مات الشيخ الوقور …

تعليق واحد

  1. فيصل بن سارح المالكي

    اسال الله ان يفرحك بسلامته وتجاوز ما ألم به ،،، وهنيأ له حين يكتب والده عنه بحب وتميز له عن اخوته ،، اللهم اجعلنا من البارين بوالدينا ،،

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com