شراكة لحم حسيل بلدي ولا اطعم

بقلم إبراهيم العسكري

تواصل معي الأسبوع الماضي احد زملائي الاعزاء تربطني به صداقة وفاء عميقه فهو من قبيلتي ومن زملاء العمل منذ أكثر من ثلث قرن وقال في تواصله هل تحب أن تشارك معنا في لحمة حسيل بلدي بالشراكة..!!

تبادر لذهني كلمة شركة أو شراكة انها كلمة اعتدنا عليها ونحن صغار فكان والدي رحمه الله وبعض الجيران يعتاودون المشاركة في جلب حسيل اوتبيع كما كنا نسميه وهو صغير الثور الذي لم يشتد عظمه ثم يذبحونه سويآ ويسلخونه في صفة الجرين المجاور لبيوتنا أو في أحد البيوت ثم يتقاسمون اللحم حسب الاسهم ونحن الأطفال نطالع ونتابع كل موقف ونستمتع بما نراه فرحين بما سيكون نصيبنا من اللحم ثم نأخذ قسمنا الذي نوزع منه هدايا لأهل القرب منا والباقي ربما يمكث تخزينه عدة شهور حينما يسيرون اهلي اللحم بقطع مستطيله ثم نملأها بالملح ونشرقها على حبال في مكان ذو تهوية جيده وعالي لا تسطيع الوصول اليه القطط ولا تصله الحشرات ولا ينتن ابدآ فهو مالح جدآ وكلما احتجنا للطبخ منه يتم غسله من الملح والغبار وآه ثم آه يا لذة اللحم المقدد بطبخ أمي رعاها الله فاي شيف مهما تفنن في الطهو يسقط امام طهو أمي .!!

بالفعل أعادة كلمات صديقي الوفي ذكرياتي العتيقة في معنى الشركة في اللحم فبادرته بقولي نعم فنحن بحاجة لتجديد شراكة في الاخاء وفي الدم واللحم والعيش والملح..!!

تواعدنا صباح ذلك اليوم الجميل وافطرنا مبكرآ للسفر لجلب حسيلنا الذي يوجد بمزرعة بوادي حلي القريب من القنفذه..!!

كانت الرحلة جميلة وممتعة بداية بمطعم الإفطار الشعبي الذي لم نجد فيه طاولة شاغره فقادني وصاحبي الفضول ان نسطوا على طاولة احدهم قائلين هل لنا بالجلوس بجوارك فنحن أصحاب سفر وانت شهم والجوع كافر.
ولكون فمه مشغول بالفرم والافتراس أشار إلينا بيده للجلوس حوله وافطرنا بجواره وكسرنا مع جارنا في الطاولة ستار الخجل وتلذذنا بما ناكل أمام جموع مجاوره تاكل بعزم وهمة أمام صوت صفير الصحون المدمسة..!!

مستظيفنا على الطاوله يبدوا جائعا للسوالف أكثر من جوع البطن فاخذنا نتبادل الحديث ثم استأذن صاحبي قطع حديثه كوننا على حبال سفر وان كانت كل المهمات لتلك البطون ولله الحمد دائما..!!

واصلنا رحلتنا بسعادة فنحن نستمتع بكل المناظر الطبيعية من حولنا والرحلة تضم حج وحاجة حتى وصلنا مزرعة البائع وبها كثير من الأبقار والاغنام وحتى الدجاج البلدي.

استقبلنا صاحب المزرعة هو وعماله بالماء البارد واتفقنا على السعر ثم ذهبنا لتحميل حسيلنا في السيارة.

كنت اتابع التحميل عن بعد من قبل العمالة والمالك وصاحبي ولكن الحسيل متعافي ونخشى ان يفلت منا وهات يا حبال ويا رجال فالحسيل يتمتع بقوة مئة رجل على الأقل ونحن لا نقوى المقاومة أمامه يحاول احد العمال ان يسحبه فيمرغه ارضآ احاول ان اخفي ضحكاتي فليس الموقف مناسب.

بعون الله ورعايته تم التحميل والتربيط في السيارة وتوادعنا بالرحيل وأثناء رحلة العوده يحاول حسيلنا ان يفلت فيراكل بصندوق السيارة حتى يحدث اختلال في توازنها فنتعاود الاربطة له ونكمل المسير حتى وصلنا مسلخ محايل عسير
الذي قام مشغليه بإنزال حسيلنا والذبح والسلخ والتوزيع حسب طلبنا..!

تفرقنا بعد أن اخذ كل منا نصيبه وكان ربع الحسيل الذي جلبته يساوي مقدار ثلاث ذبائح متوسطة وذلك الربع بأقل من قيمة إحدى تلك الذبائح.

إعاد ذلك العمل الجميل واللحم اللذيذ ذكريات كادت تندثر أمام حضارات عهدنا المتجدد فقد استمتعنا برحلة الجلب وطريقة الذبح والتقسيم فاهدينا من لحمتنا وتصدقنا ووفرنا الكثير..!!

اتمنى ان يجدد عهد الشركة والشراكة فعهدنا الحالي يحتاج أن نشترك في الماء والكلا والكهرباء والهاتف وحتى الفاكهة والخضار وبأذن الله ستكون شراكتنا القادمة بلحم مسير(مقدد) يعيد ذكريات الماضي الجميل بكل مميزاته ولا يجب أن يندثر الماضي ولدينا فرصة التجديد..!!

شكرآ لمن دعاني للشراكة في لحمة حسيلنا الاخ/علي عبدالله القشر ولعلي ادعوه بقولة بن عبده لا يطول غيابك ثم ناخذ عليه..!

شاهد أيضاً

رحل عامر المساجد

بقلم/ عوض عبدالله البسامي مات الهدوء ومات اللين والحلم وغربت التؤدة والأناة مات الشيخ الوقور …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com