تأمل عاجز

بقلم /دولة بنت محمد الكناني

{قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ..}

تأملتُ هذه الآية مليًّا وقلّبتُ صفحاتِ التفاسير في معناها ومضيتُ وقتًا طويلًا وأنا أحاول جاهدة أن أكتبَ مقالًا تحت هذه الآية، لكنَّ إمارات العجز بدت واضحة على ملامحِ قلمي، والأمر كلُّه للّه.
فهاهي الصفحات باسطة أجنحتها أمامي والأقلام تحت يدي ولا أملِك سوى خطوطًا وخربشاتٍ أخُطها يَمنَة ويسره، الجُمَل والخواطر والأفكار عصتني اليوم، وليس لي من الأمر شيء.
(الأمرُ كلَّه لله)
نعم هو كذلك فليس بيد أحد شيء لاخير ولاشر ولا أدنى من ذلك ولا أكثر، كل الأمر بيد الله وحده و يعود إليه ويرجع له.
فمابالنا لا ندرك و نردُّ أمورنا جميعها لله، أليس القدر خيره وشره هو من يحكمه؟!
و الدنيا بأسرها تحت تدبيره؟!
عجبًا لنا لو ندرك هذا ثم نظل نفكر في الغد ورزقه وأحواله!
وماذا يكون؟ وإلى ماذا يصير؟
للأسفِ تكادُ عقول بعضنا تنشقُ من التفكير في الغد والمستقبل،
ولا بأس أن نخطط ونحلم ونبني؛ لكنَّ البأس كل البأس أن نرجع الأمر لما في أيدينا وإلى خططنا وقدراتنا التي هي ليست بشيء أمام هذه الآية المكررة في القرآن وماذلك التكرار إلا تأكيد( أن الأمر فقط لله) و لانملك من الأمر شيء وليس لنا من الأمر شيء!
حقيقة نحن فارغون لولا فضل الله وحوله وقوته التي يمدنا بها فيا خيبتنا حين نرجع الأمر لغير أصله ومرده!
ويظهر ذلك جليًّا في قولنا (فعلتُ ماعليَّ والباقي على الله) بل كل الأمر لله ليس لنا من الأمر ذرة ولانملك القدرة والتحكم والتصرف إلا بإذن الله.
الحياة برمتها هي لله، فلمَ القلق الذي ينتابنا، والحزن الذي يكسرنا، والتفكير فيما هو غائب!
لنريح هذا القلب من وجعه وهمومه وغمومه ولينصرف ويدع الأمور لباريها، فليس علينا سوى الأخذ بالأسباب والعمل بها وتركها لله إيمانًا ويقينًا بقوته وقدرته وحكمته التي لا معقب لها فسبحانه أحسن التدبير وأتقن كل شيء صنعًا وما أروع أبيات الشافعي حين قال :
ما شئتَ كانَ، وإن لم أَشَا
وما شِئْتُ إن لم تشأَ لم يكُنْ

خلقتَ العبادَ لما قد عَلِمتَ
ففي العلمِ يجري الفَتَى والمُسِنْ

فمنهُم شقيٌّ، ومنهم سعيدٌ
ومنهُم قبيحٌ، ومنهم حَسَنْ

على ذا مننتَ، وهذا خذلتَ
وذاكَ أعنتَ، وذا لم تُعنْ
في كل شطر بيت أرجع الأمر لله ما أجملها من أبيات!
فوالله يا أحبّة سيصير الحال أفضل حين ندع الأمر كله لله متوكلين عليه غير متواكلين.
وما هذا التأمل إلا تأمل عاجز عن إدراك معنى الآية.

ومضة :
أحيانًا تكون جميع الأمور متاحةلك، ثم لاتدرك حاجتك لأن الأمر عائد لله.

شاهد أيضاً

المعلم ذلك الإنسان

بقلم/ الكاتبة د. فاطمة سعد الشهراني  يحتفل العالم في اليوم الخامس من أكتوبر كلَّ عامٍ …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com